تعرف على "السيدة الموت" أخطر قناصة أنثى تعرفها البشرية


كانت الجندية السوفيتية "ليودميلا بافليتشينكو" من القناصين الأكثر "حصادا" خلال الحرب العالمية الثانية، حيث اصطادت 309 جندياً المانياً، وكان 36 منهم قناصين أسقطتهم خلال مواجهات القنص المضاد الثنائية.

ولدت "ليودميلا بافليتشينكو" في عام 1916م، في مدينة "بيلايا تسيركوف" في مقاطعة كييف في الإمبراطورية الروسية، وكانت من نساء السوفييت العاديات، التي التقت مع التجارب الصعبة وجها لوجه ولم تنهزم.

 كانت "ليودميلا بافليتشينكو" في مرحلة التدريب العملي ضمن دراستها الجامعية عندما قرر هتلر غزو الاتحاد السوفيتي، في الرابعة صباحا من يوم 22 يونيو/ حزيران 1941م، وهو الأمر الذي دفع "ليودميلا بافليتشينكو" للانضمام إلى الجيش الأحمر في أقرب شعبة تجنيد دون أي تردد.
تقول ليودميلا بافليتشينكو: "لم يكن الجيش يستعين بالعنصر النسوي آنذاك، لذا وجدت نفسي مجبرة على الاستعانة بكل الحيل المتاحة من أجل النجاح في ذلك"، وفي مرحلة ما من محاولة الجيش إثناءها عن مساعيها وجعلها تنسحب، دفعوا بها إلى الميدان مباشرة وأسندوا إليها مهمة قنص إثنين من الجواسيس الرومانيين الذين ثبت عنهم مساعدتهم وتعاونهم مع الألمانيين.

تقول في أولى مهماتها تلك: "عندما تمكنت من إصابة الهدفين بنجاح، تم قبولي على الفور"، موضحة بأن الهدفين لم يتعديا بالنسبة إليها مجرد تدريب روتيني، وعملية اختبار سهلة المنال.

بعد إستعراضها لمهاراتها المعتبرة في القنص خلال مدة وجيزة جدا، قبل الجيش الأحمر السوفييتي انضمامها إلى صفوفه، وبعد ذلك راحت "ليودميلا بافليتشينكو" تخوض المعركة تلو الأخرى، مثبتة بأنها قناصة ممتازة وموهوبة. وبدأت في تلك اللحظة مسيرتها الحربية، حيث وضعت القناصة الجديدة في الجيش السوفيتي الهدف الأول: قتل 100 جندي من الجيش الالماني.

ليودميلا بافليتشينكو (صورة حقيقية تم تلوينها)

اصطادت "ليودميلا بافليتشينكو"، خلال الفترة من أغسطس/ آب حتى أكتوبر/ تشرين الأول عام 1941م، 187 جندياً المانياً أثناء تقدم الألمان نحو مدينة أوديسا. ولهذا أصبحت ليودميلا بافليتشينكو "المرأة"  الأكثرة تداولا في الصحف السوفيتية من جهة، و"الجندية" الأكثر رعبا بين النازيين من جهة أخرى، حيث كان النازيون يتداولون أساطير عن "قناصة سوفيتية" تسمع الهمس بين الألمان عن بعد نصف كيلومتر.

وفي شهر مارس / آذار 1942م، ازداد عدد النازيين في دفتر "ليودميلا بافليتشينكو" الخاص، التي كانت تسجل فيه كل عدو تقتله، إلى 259 ضابطا وجندياً ألمانياً. وهنا قررت "ليودميلا بافليتشينكو" أن ترفع العدد إلى 300 نازي.

ولكن الفيرماخت الألماني لم يترك وضع دحر جنوده من قبل قناصة كما هو، حيث قرر إرسال أقوى القناصين في الرايخ الثالث لقتل المرأة السوفيتية. ففي إحدى المبارزات بين القناصة "ليودميلا بافليتشينكو" وأحد القناصين الألمان، التي استمرت لمدة يوم كامل، التقت عين "ليودميلا بافليتشينكو" بعين خصمها في نفس اللحظةــ ولكن "ليودميلا بافليتشينكو" كانت الأولى من ضغط على زناد البندقية.

وعندما وصلت "ليودميلا بافليتشينكو" إلى موقع القناص المقتول، عثرت على دفتره لتسجيل حصيلة القنص، فوجدت أن القناص النازي بدأ المشاركة في الحرب من أيام احتلال فرنسا، وعلى حسابه أكثر من 400 ضابط وجندي من مختلف أنحاء أوروبا.

وبحسب بعض التقارير، فإن الفيرماخت كان قد أرسل 36 قناصا نازيا للقضاء على "ليودميلا بافليتشينكو" بين حين وآخر، وذلك خلال فترة الحرب الوطنية العظمى.

عندما حققت "ليودميلا بافليتشينكو" 100 عملية قتل مؤكدة تمت ترقيتها إلى رتبة رقيب أول، وتواصلت ترقيتها من رتبة إلى رتبة إلى أن وصلت في نهاية المطاف إلى رتبة ملازم.

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت "ليودميلا بافليتشينكو" قد قتلت 309 جنود ألمانيين، وكان 36 منهم قناصين أسقطتهم خلال مواجهات القنص المضاد الثنائية، وخلال حياتها كقناصة تعرضت للإصابة عدة مرات، لكنها في المرة الرابعة التي أصيبت فيها إصابة بليغة عمد الجيش إلى إعفائها من المشاركة في المعارك والقتال المباشر، وتم إيعازها بمهمات تدريب القناصين الجدد في الجيش.

على الرغم من إصابتها، بدأ قادة "ليودميلا بافليتشينكو" يخشون أن يتقرب منها ضباط العدو لإغرائها بالانضمام إلى صفوفهم، فعندما سحبت من أرض المعركة كان واضحا أن الألمان كانوا على دراية بهويتها، فقد كانوا خلال الكثير من المناسبات يوجهون إليها رسائل تذيعها مكبرات الصوت، فكانت الرسائل تبدو كالآتي: "تعالي إلينا يا "ليودميلا بافليتشينكو"، سنعطيك الكثير من الشوكولاتة وسنجعلك تتقلدين رتبة ضابط ألماني"، وبالطبع قابلت "ليودميلا بافليتشينكو" عروضهم تلك كلها بالرفض.

ليودميلا بافليتشينكو خلال جولتها في الولايات المتحدة مع السيدة الأولى آنذاك، إليونور روزفلت.

بعد انتهاء الحرب، شاركت "ليودميلا بافليتشينكو" في جولات بين بلدان الحلفاء كانت تجري فيها اللقاءات الصحفية، وعندما وصلت إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، أصبحت أول مواطن سوفييتي يرحب به داخل البيت الأبيض، وبينما كانت هناك نشأت بينها وبين السيدة الأولى "إليونور روزفلت" علاقة صداقة قوية.

فسرعان ما ارتبطت الإثنتان بفضل تشارك آرائهما حول حقوق المرأة، ولشدة إعجاب السيدة الأولى بها، رافقتها خلال جولتها حول الولايات المتحدة.

بقيت الاثنتان على اتصال وثيق خلال السنوات التالية، وعندما زار الرئيس الأمريكي "تيودور روزفلت" وزوجته السيدة الأولى "إيليونور" العاصمة الروسية "موسكو" بعد 15 عاما، التقت الصديقتان مرة أخرى.

بعد انتهاء الحرب، عمدت "ليودميلا بافليتشينكو" إلى إنهاء دراستها في جامعة "كييف"، ونالت شهادة ماستر في التاريخ الذي خلدها بدوره ضمن لائحة أفضل القناصين، وأخطر قناصة أنثى تعرفها البشرية..

الجدير بالذكر أن لقب "السيدة الموت" أطلقه الشعب الأمريكي، عندما تعرف على قصة ليودميلا بافليتشينكو قبل زيارتها للولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن الـ20.
أحدث أقدم