كيف ظهرت الشرطة؟ - تعرف على أول مركز أمن في التاريخ


عرف جهاز الشرطة بشكله الحديث ظهوره خلال الفترة المعاصرة. ففي حدود القرن الثامن عشر شهد العالم ولأول مرة انتشار رجال الشرطة الحاملين لزي رسمي والحاصلين على أجور، بعد أن ظل المتطوعون عماد هذا الجهاز طيلة الفترات السابقة.

وقبل ظهور الشرطة على شكلها الحديث اعتمدت بعض المجتمعات على الميليشيات لفرض الأمن وتطبيق القانون وأمام غياب مثل هذه التنظيمات اتجهت بعض المجتمعات إلى حل خلافاتها وفض نزاعاتها عن طريق العنف.

قديما ببلاد اليونان، عمد القضاة إلى استغلال العبيد لفرض الأمن حيث شكل هؤلاء العبيد نوعا من الميليشيات التي استخدمت أساسا لتأمين الاجتماعات الهامة ومطاردة المجرمين.

استخدام المخبرين

أما بالنسبة لروما فقد اتجهت الإمبراطورية للاعتماد على الجيش لتوفير الأمن وفرض القانون. وبالتزامن مع ذلك عمدت السلطات الرومانية إلى استخدام المخبرين لنقل المعلومات الهامة.

وخلال عهد أغسطس قيصر تم رسميا تشكيل فرق فيجيليس (Vigiles Urbani) والتي عملت أساسا على إخماد الحرائق ضمن نظام شبيه بنظام رجال المطافئ المعاصر قبل أن توكل إليها لاحقا مهمة إضافية بفرض الأمن في الشوارع ليلا.

فضلا عن ذلك، شهدت نفس تلك الفترة ظهور قوات جديدة حملت اسم cohortes urbanae حيث عملت هذه القوات في مجال حفظ الأمن داخل المدن وقد جاء قرار تكوينها من قبل الإمبراطور لمجابهة تغلغل الجيش وتزايد نفوذه داخل روما.

في بلاد الصين يعود أول ظهور لتنظيمات مشابهة للشرطة إلى حدود القرن التاسع قبل الميلاد حيث عمدت ممالك تشو وجين إلى استخدام الولاة لفرض القانون بالبلاد.

وخلال تلك الفترة لم يتردد الولاة، المنتشرون في مختلف أرجاء البلاد في نقل الأخبار للقضاة والذين تكفلوا بدورهم بمهمة إلى الحكام وفي الأثناء يقوم هؤلاء بعرض كل هذه المستجدات على الإمبراطور.

وببلاد مصر اتجه المصريون للاعتماد على نوع من أنواع الحرس لفرض الأمن بالأسواق وحراسة المعابد وقصور كبار الشخصيات. فضلا عن ذلك، اعتمدت هذه الفرق المصرية على الكلاب والقردة المدربة لمطاردة اللصوص والقبض عليهم.

شريعة الغاب

خلال فترة العصور الوسطى سادت شريعة الغاب على مختلف النزاعات بين المعتدي والمعتدى عليه حيث عمد الناس إلى تسوية خلافاتهم عن طريق العنف.

لكن مع غزو النورمان لإنجلترا سنة 1066، اتجه الأنجلو- سكسونيون إلى تكوين فرق مختصة لحفظ الأمن عرفت باسم Constables وقد حملت هذه القوات على عاتقها مهمة القبض على المجرمين وحراسة المخازن والقلاع وطرد المتشردين والغرباء داخل القرى وبالتزامن مع ذلك احتفظت إنجلترا بهذا النوع من القوات إلى حدود سنة 1829.

أول مراكز للأمن

يوم السابع عشر من شهر شباط/فبراير سنة 1800، كانت أوروبا على موعد مع حدث هام فخلال ذلك اليوم اعترف الإمبراطور الفرنسي وأقوى رجل بأوروبا حينها نابليون بونابرت برجال الشرطة ليعلن تكوين أول مراكز للأمن.

ومن خلال هذا القرار أمر بونابرت بإنشاء مركز شرطة بكل مدينة يتجاوز عدد سكانها الخمسة آلاف ساكن.

وبعد مضي حوالي ثلاثين عاما عن قرار نابليون بونابرت عرفت فرنسا حدثا هاما آخر فعلى إثر صدور مرسوم سنة 1829 منح رجال الشرطة الفرنسيين زيا رسميا لتصبح على إثر ذلك فرقة باريس أول فرقة شرطة في العالم تعتمد الزي الرسمي.

بعد بضعة أشهر فقط عن صدور مرسوم سنة 1829 الفرنسي، اتجهت إنجلترا إلى اتخاذ قرار مشابه. فعلى إثر تزايد نسبة الجريمة بشكل ملحوظ قررت إنجلترا رسميا اعتماد مرسوم العاصمة خلال شهر أيلول/سبتمبر سنة 1829 وبموجبه تم اعتماد مفهوم تنظيم رجال الشرطة مدفوعي الأجر من أجل التصدي للجرائم قبل وقوعها والقبض على المسؤولين عنها.

مفهوم الشرطة على الطريقة اللندنية

بفضل النجاح الذي حققته شرطة لندن في فرض الأمن، سجل مفهوم الشرطة على الطريقة اللندنية انتشاره نحو الولايات الأميركية حيث كانت مدينة بوسطن سبّاقة سنة 1834 في تكوين فرقة الشرطة الخاصة بها وقد تبعتها لاحقا نيويورك سنة 1844 وفيلاديلفيا سنة 1854.

وخلال بدايتهم رفض رجال الشرطة الأميركية ارتداء الأزياء الرسمية لكن مع حلول سنة 1854 فرضت الإدارة الأميركية رسميا قرارا بتعميم ارتداء الزي على أفراد الشرطة. في الأثناء، رفض أفراد الأمن بالمناطق النائية الأميركية والذين حملوا لقب “الشريف” ارتداء زي الشرطة الرسمي مفضلين الاكتفاء بوضع شارة النجمة على صدورهم، لكن مع حلول النصف الثاني من القرن العشرين اتجهت الإدارة الأميركية رسميا إلى فرض ارتداء الزي الرسمي على هؤلاء الأعوان.

أحدث أقدم