أفضل خمس قصائد للشاعر اليمني عبد الله البردوني

اشعار عبد الله البردوني

عبد الله البردوني، هو شاعر وناقد أدبي يمني ولد في قرية البردون بمحافظة ذمار في 1 كانون الثاني/ يناير 1929م، تناول البردوني في مؤلفاته الشعر القديم والحديث في اليمن، كما تناول شعره مواضيع سياسية متعلقة ببلده اليمن وأكثر قصائده هي الرومانسية القومية والسخرية والرثاء، وعلى عكس الشعراء القبليين في اليمن كان نمطية واسلوب شعره تميل إلى الحداثة.

فقد الشاعر اليمني عبد الله البردوني بصره عندما كان في الخامسة من عمره، بسبب إصابته بمرض الجدري المائي، كما بقت على وجهه آثار الجدري كبثور صغير، وعندما كان يسأله أحد عن اليمن، يجيب البردوني بسخرية فريدة عُرف بها «إذا أردت أن تعرف حال اليمن فانظر إلى وجهي».

كتب الشاعر اللبناني عباس بيضون عن البردوني قائلاً: «عبد الله البردوني معجزة الشعر كما كان أبو العلاء المعري من قبل وطه حسين من بعد معجزة النثر». كما أطلقوا على البردوني بعد وفاة الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري لقب «آخر شعراء الكلاسيكية العربية الكبار». توفي الشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني في 30 آب/أغسطس 1999م، في العاصمة صنعاء. وفي هذا المقال جمعنا لكم أفضل خمس قصائد للشاعر اليمني عبد الله البردوني.

محتويات:
1 قصيدة أبو تمام وعروبة اليوم
2 قصيدة زحف العروبة
3 قصيدة الغزو من الداخل
4 قصيدة امرأة وشاعر
5 قصيدة من أرض بلقيس

قصيدة أبو تمام وعروبة اليوم


مـا أَصْـدَقَ الـسَّيْفَ! إِنْ لَـمْ يُـنْضِهِ الـكَذِبُ
وَأَكْــذَبَ الـسَّـيْفَ إِنْ لَــمْ يَـصْـدُقِ الـغَضَبُ

بِــيـضُ الـصَّـفَـائِحِ أَهْـــدَى حِــيـنَ تَـحْـمِلُهَا
أَيْـــــدٍ إِذَا غَــلَــبَـتْ يَــعْــلُـو بِـــهَــا الــغَـلَـبُ

وَأَقْـــبَــحَ الــنَّــصْـرِ.. نَـــصْــرُ الأَقْــوِيَــاءِ بِــــلاَ
فَـهْمٍ. سِـوَى فَـهْمِ كَـمْ بَاعُوا وَكَمْ كَسَبُوا

أَدْهَــى مِــنَ الـجَـهْلِ عِـلْـمٌ يَـطْـمَئِنُّ إِلَـى
أَنْــصَـافِ نَـــاسٍ طَــغَـوا بِـالـعِلْمِ وَاغْـتَـصَبُوا

قَــالُـوا: هُـــمُ الـبَـشَرُ الأَرْقَــى وَمَــا أَكَـلُـوا
شَـيْـئَـاً.. كَـمَـا أَكَـلُـوا الإنْـسَـانَ أَوْ شَـرِبُـوا

مَـــاذَا جَـــرَى.. يَـــا أَبَـــا تَـمَّـامَ تَـسْـأَلُنِي؟
عَـفْوَاً سَـأَرْوِي.. وَلا تَـسْأَلْ.. وَمَـا السَّبَبُ

يَــدْمَــى الــسُّـؤَالُ حَــيَـاءً حِــيـنَ نَـسْـأَلُُـه
كَيْفَ احْتَفَتْ بِالعِدَى «حَيْفَا» أَوِ «النَّقَبُ»

مَـــنْ ذَا يُـلَـبِّـي ؟ أَمَـــا إِصْـــرَارُ مُـعْـتَصِمٍ ؟
كَـلاَّ وَأَخْـزَى مِـنَ « الأَفْـشِينَ » مَـا صُلِبُوا

الــيَـوْمَ عَـــادَتْ عُــلُـوجُ «الـــرُّومِ» فَـاتِـحَـةً
وَمَــوْطِــنُ الــعَـرَبِ الـمَـسْـلُوبُ وَالـسَّـلَـبُ

مَــــاذَا فَـعَـلْـنَـا؟ غَـضِـبْـنَـا كَــالـرِّجَـالِ وَلَـــمْ
نَــصْـدُقْ.. وَقَــدْ صَــدَقَ الـتَّـنْجِيمُ وَالـكُـتُبُ

فَــأَطْـفَـأَتْ شُــهُــبُ «الــمِـيـرَاجِ» أَنْـجُـمَـنَا
وَشَـمْـسَـنَـا .. وَتَــحَـدَّت نَــارَهَـا الـحَـطَـبُ

وَقَـــاتَــلَــتْ دُونَـــنَـــا الأَبْــــــوَاقُ صَـــامِـــدَةً
أَمَّــــا الــرِّجَــالُ فَــمَـاتُـوا... ثَـــمَّ أَوْ هَــرَبُـوا

حُـكَّـامُـنَـا إِنْ تَــصَــدّوا لِـلْـحِـمَى اقْـتَـحَـمُوا
وَإِنْ تَــصَـدَّى لَـــهُ الـمُـسْـتَعْمِرُ انْـسَـحَـبُوا

هُـــمْ يَـفْـرُشُـونَ لِـجَـيْـشِ الـغَـزْوِ أَعْـيُـنَهُمْ
وَيَــــدَّعُـــونَ وُثُــــوبَـــاً قَــــبْـــلَ أَنْ يَـــثِــبُــوا

الــحَـاكِـمُـونَ و«وَاشُــنْـطُـنْ» حُـكُـومَـتُـهُمْ
وَالــلامِــعُـونَ .. وَمَــــا شَــعَّــوا وَلا غَــرَبُــوا

الــقَــاتِـلُـونَ نُـــبُـــوغَ الــشَّــعْــبِ تَــرْضِــيَـةً
لِـلْـمُـعْـتَـدِيـنَ وَمَــــــا أَجْــدَتْــهُــمُ الـــقُــرَبُ

لَــهُـمْ شُـمُـوخُ «الـمُـثَنَّى» ظَـاهِـرَاً وَلَـهُـمْ
هَــوَىً إِلَــى «بَـابَـك الـخَـرْمِيّ» يُـنْـتَسَبُ

مَــاذَا تَــرَى يَــا «أَبَــا تَـمَّـامَ» هَــلْ كَـذَبَـتْ
أَحْـسَـابُـنَا؟ أَوْ تَـنَـاسَـى عِــرْقَـهُ الـذَّهَـبُ؟

عُــرُوبَــةُ الــيَــوَمِ أُخْــــرَى لا يَــنِــمُّ عَــلَـى
وُجُـــودِهَـــا اسْـــــمٌ وَلا لَـــــوْنٌ وَلا لَـــقَــبُ

تِــسْــعُـونَ أَلْـــفَــاً « لِــعَـمُّـورِيَّـةَ» اتَّــقَــدُوا
وَلِــلْــمُـنَـجِّـمِ قَـــالُـــوا: إِنَّـــنَـــا الــشُّــهُــبُ

قِـيـلَ: انْـتِـظَارَ قِـطَـافِ الـكَـرْمِ مَــا انْـتَـظَرُوا
نُــضْــجَ الـعَـنَـاقِـيدِ لَــكِــنْ قَـبْـلَـهَـا الْـتَـهَـبُوا

وَالــيَــوْمَ تِــسْـعُـونَ مِـلْـيـونَـاً وَمَــــا بَــلَـغُـوا
نُــضْـجَـاً وَقَــــدْ عُــصِــرَ الــزَّيْـتُـونُ وَالـعِـنَـبُ

تَـنْـسَـى الـــرُّؤُوسُ الـعَـوَالِي نَــارَ نَـخْـوَتِهَا
إِذَا امْــتَـطَـاهَـا إِلَـــــى أَسْـــيَــادِهِ الــذَّنَــبُ

«حَـبِـيبُ» وَافَـيْـتُ مِــنْ صَـنْـعَاءَ يَـحْمِلُنِي
نَــسْـرٌ وَخَــلْـفَ ضُـلُـوعِـي يَـلْـهَـثُ الـعَـرَبُ

مَـــاذَا أُحَـــدِّثُ عَـــنْ صَـنْـعَـاءَ يَـــا أَبَــتِـي ؟
مَـلِـيـحَـةٌ عَـاشِـقَـاهَـا : الــسِّـلُّ وَالــجَـرَبُ

مَــاتَــتْ بِــصُـنْـدُوقِ «وَضَّـــاحٍ» بِـــلاَ ثَــمَـنٍ
وَلَـمْ يَـمُتْ فِـي حَـشَاهَا العِشْقُ وَالطَّرَبُ

كَــانَـتْ تُــرَاقِـبُ صُــبْـحَ الـبَـعْـثِ فَـانْـبَـعَثَتْ
فِـــي الـحُـلْمِ ثُــمَّ ارْتَـمَـتْ تَـغْـفُو وَتَـرْتَـقِبُ

لَـكِـنَّـهَا رُغْـــمَ بُــخْـلِ الـغَـيْـثِ مَـــا بَـرِحَـتْ
حُـبْلَى وَفِـي بَطْنِهَا «قَحْطَانُ» أَوْ «كَرَبُ»

وَفِـــي أَسَــى مُـقْـلَتَيْهَا يَـغْـتَلِي «يَـمَـنٌ»
ثَــــانٍ كَــحُـلْـمِ الــصِّـبَـا... يَــنْـأَى وَيَـقْـتَـرِبُ

«حَـبِـيبُ» تَـسْأَلُ عَـنْ حَـالِي وَكَـيْفَ أَنَـا؟
شُــبَّـابَـةٌ فِــــي شِــفَــاهِ الــرِّيــحِ تَـنْـتَـحِبُ

كَــانَـتْ بِــلاَدُكَ «رِحْــلاً»، ظَـهْـرَ «نَـاجِـيَةٍ»
أَمَّـــــا بِـــــلاَدِي فَـــــلاَ ظَـــهْــرٌ وَلاَ غَـــبَــبُ

أَرْعَـــيْــتَ كُـــــلَّ جَــدِيــبٍ لَــحْــمَ رَاحِــلَــةٍ
كَــانَــتْ رَعَــتْــهُ وَمَـــاءُ الـــرَّوْضِ يَـنْـسَـكِبُ

وَرُحْـــتَ مِـــنْ سَــفَـرٍ مُــضْـنٍ إِلَــى سَـفَـرٍ
أَضْـــنَــى لأَنَّ طَـــرِيــقَ الـــرَّاحَــةِ الــتَّـعَـبُ

لَــكِـنْ أَنَـــا رَاحِـــلٌ فِـــي غَــيْـرِ مَـــا سَـفَـرٍ
رَحْـلِي دَمِي ... وَطَرِيقِي الجَمْرُ وَالحَطَبُ

إِذَا امْــتَــطَــيْـتَ رِكَـــابَـــاً لِــلــنَّــوَى فَـــأَنَـــا
فِــي دَاخِـلِـي ... أَمْـتَـطِي نَــارِي وَاغْـتَرِبُ

قَــبْـرِي وَمَـأْسَـاةُ مِـيـلاَدِي عَـلَـى كَـتِـفِي
وَحَـــوْلِــيَ الــعَــدَمُ الـمَـنْـفُـوخُ وَالــصَّـخَـبُ

«حَـبِـيـبُ» هَـــذَا صَـــدَاكَ الــيَـوْمَ أَنْـشُـدُهُ
لَــكِــنْ لِــمَــاذَا تَـــرَى وَجْــهِـي وَتَـكْـتَـئِبُ؟

مَـاذَا ؟ أَتَـعْجَبُ مِنْ شَيْبِي عَلَى صِغَرِي؟
إِنِّـــي وُلِـــدْتُ عَــجُـوزَاً .. كَــيْـفَ تَـعْـتَجِبُ؟

وَالــيَــوْمَ أَذْوِي وَطَــيْــشُ الــفَـنِّ يَـعْـزِفُـنِي
وَالأَرْبَـــعُـــونَ عَـــلَـــى خَــــــدَّيَّ تَــلْــتَـهِـبُ

كَــــذَا إِذَا ابْــيَــضَّ إِيــنَــاعُ الــحَـيَـاةِ عَــلَـى
وَجْـــــهِ الأَدِيـــــبِ أَضَـــــاءَ الــفِــكْـرُ وَالأَدَبُ

وَأَنْــتَ مَــنْ شِـبْـتَ قَـبْـلَ الأَرْبَـعِـينَ عَـلَى
نَــــارِ «الـحَـمَـاسَـةَ » تَـجْـلُـوهَـا وَتَـنْـتَـحِبُ

وَتَــجْــتَـدِي كُـــــلَّ لِـــــصٍّ مُـــتْــرَفٍ هِــبَــةً
وَأَنْـــتَ تُـعْـطِـيهِ شِــعْـرَاً فَـــوْقَ مَـــا يَـهِـبُ

شَـرَّقْـتَ غَـرَّبْتَ مِـنْ «وَالٍ» إِلَـى «مَـلِكٍ»
يَــحُــثُّـكَ الــفَـقْـرُ ... أَوْ يَــقْـتَـادُكَ الــطَّـلَـبُ

طَوَّفْتَ حَتَّى وَصَلْتَ « الموصِلِ » انْطَفَأَتْ
فِــيــكَ الأَمَــانِــي وَلَـــمْ يَـشْـبَـعْ لَــهَـا أَرَبُ

لَـــكِــنَّ مَـــــوْتَ الــمُـجِـيـدِ الـــفَــذِّ يَـــبْــدَأه
وِلادَةً مِــــــنْ صِــبَــاهَـا تَـــرْضَــعُ الــحِــقَـبُ

«حَـبِـيـبُ» مَـــا زَالَ فِــي عَـيْـنَيْكَ أَسْـئِـلَةً
تَــبْــدُو... وَتَــنْـسَـى حِـكَـايَـاهَـا فَـتَـنْـتَـقِبُ

وَمَـــــا تَـــــزَالُ بِــحَـلْـقِـي أَلْـــــفُ مُــبْـكِـيَـةٍ
مِـــنْ رُهْـبَـةِ الـبَـوْحِ تَـسْـتَحْيِي وَتَـضْـطَرِبُ

يَــكْــفِــيـكَ أَنَّ عِـــدَانَـــا أَهْــــــدَرُوا دَمَـــنَـــا
وَنَــحْــنُ مِــــنْ دَمِــنَــا نَــحْـسُـو وَنَـحْـتَـلِـبُ

سَــحَــائِـبُ الـــغَــزْوِ تَــشْـوِيـنَـا وَتَـحْـجِـبُـنَـا
يَــوْمَـاً سَـتَـحْـبَلُ مِــنْ إِرْعَـادِنَـا الـسُّـحُبُ؟

أَلاَ تَـــــــرَى يَـــــــا أَبَــــــا تَـــمَّـــامَ بَــارِقَــنَــا
إِنَّ الــسَّــمَـاءَ تُـــرَجَّــى حِــيــنَ تُـحْـتَـجَـبُ


قصيدة زحف العروبة


لــبّــيــك وازدحـــمـــت عـــلـــى الأبــــــواب
صــــبـــوات أعـــيـــاد وعــــــرس تــصــابــي

لــبّــيــك يـــابـــن الـــعـــرب أبـــــدع دربـــنــا
فـــتـــن الــجــمــال الــمــسـكـر الـــخـــلّاب

فــتــبــرّجـت فــــيـــه الــمــبـاهـج مــثــلـمـا
تـــــتــــبــــرّج الـــــــغــــــادات لـــــلــــعــــزّاب

واخـــضــرّت الأشـــــواق فـــيــه والــمــنـى
كــالــزهــر حـــــول الـــجــدول الــمـنـسـاب

ومــضــى بــــه زحــــف الـعـروبـة والــدنـى
تـــرنــو ، وتــهـتـف عــــاد فــجــر شــبـابـي

إنّــــــــا زرعــــنــــاه مــــنــــى وجــمــاجــمـا
فـــنــمــا وأخـــصـــب أجــــــود الإخـــصـــاب

ويـــــحــــدّق الـــتـــاريــخ فــــيــــه كــــأنّــــه
يــتــلـو الــبـطـولـة مـــــن ســطــور كــتــاب

عـــاد الـتـقـاء الــعـرب فـاهـتـف يـــا أخـــي
لـلـفـجـر ، وارقـــص حـــول شـــدو ربــابـي

واشــرب كـؤوسـك واسـقـني نـخب الـلّقا
واســكــب بــقـايـا الــــدنّ فــــي أكــوابــي

هــــذي الـهـتـافـات الـسـكـارى و الـمـنـى
حــــولـــي تــنــاديـنـي إلــــــى الأنـــخـــاب

خــلــفــي وقـــدّامـــي هـــتــاف مـــواكــب
وهـــــوى يــزغــرد فــــي شــفــاه كــعــاب

والــزهــر يــهـمـس فــــي الــريــاض كــأنّـه
أشــــعـــار حـــــــبّ فـــــــي أرقّ عــــتـــاب

والــجــوّ مــــن حــولــي يــرنـحـه الــصــدى
فــيــهــيــم كــالــمــسـحـورة الـــمـــطــراب

والــــريــــح ألــــحــــان تــــهـــازج ســـيــرنــا
والــشــهــب أكــــــواب مــــــن الأطـــيـــاف

إنّـــــــــا تـــوحّـــدنــا هــــــــوى ومـــصـــائــرا
وتــــــلاقـــــت الأحـــــبـــــاب بــــالأحـــبـــاب

أتـــــرى ديـــــار الــعــرب كــيــف تــضـافـرت
فـكـأنّ ( صـنـعا ) فـي ( دمـشق ) روابـي

وكـأنّ ( مـصر ) و ( سوريّا ) في ( مأرب )
عـــلــم وفـــــي ( صــنــعـا ) أعـــــزّ قــبــاب

لاقـــى الـشـقـيق شـقـيـقه ، فـاسـألهما
كــيــف الــتـلاقـي بــعــد طــــول غــيــاب ؟

الـيـوم ألـقـى فـي ( دمـشق ) بـني أبـي
وأبــــثّ أهــلــي فـــي الـكـنـانة مـــا بـــي

وأبــــثّ أجــــدادي بــنــي غــسّــان فــــي
ربـــــوات ( جـــلّــق ) مـحـنـتـي وعــذابــي

وأهـــيـــم والأنـــســام تــنــشـر ذكـــرهــم
حـــولـــي فــتــنـضـح بــالــعـطـور ثــيــابــي

وأهــــزّ فــــي تــــرب ( الـمـعـرّة ) شــاعـرا
مــثــلــي: تـــوحّـــد خــطــبــة ومــصــابــي

وأعـــود أســـأل ( جـلّـقـا ) عـــن عـهـدهـا
( بــــأمـــيّـــة ) و بــفــتــحـتـهـا الـــــغــــلّاب

صـــور مـــن الـمـاضـي تـهـامـس خـاطـري
كـــتــهــامــس الـــعـــشّــاق بــــالأهــــداب

دعـــنـــي أغــــــرّد فــالــعـروبـة روضـــتـــي
ورحــــــاب مــوطــنـهـا الــكــبـيـر رحـــابـــي

( فدمشق ) بستاني و ( مصر ) جداولي
وشــعـاب ( مـكّـة ) مـسـرحي وشـعـابي

وســمــاء ( لــبـنـان ) ســمــاي ومـــوردي
( بــــردى ) ودجــلــة والــفــرات شــرابــي

وديــــــار ( عـــمّـــان ) ديــــــاري.. أهــلــهـا
أهـــلــي وأصـــحــاب الـــعــراق صــحـابـي

بــل إخـوتـي و دم ( الـرشـيد ) يـفـور فـي
أعــصــابـهـم ويـــضـــجّ فــــــي أعــصــابــي

شـــعــب الـــعــراق وإن أطــــال ســكـوتـه
فـــســـكـــوتــه الإنـــــــــــذار لـــــلإرهـــــاب

ســـل عــنـه ســـل عــبـد الإلـــه وفـيـصـلا
يــبــلــغــك صــرعــهــمــا أتـــــــمّ جـــــــواب

لــــن يــخـفـض الـهـامـات لـلـطـاغي ولـــم
تـــخـــضـــع رؤوس الـــــقــــوم لــــلأذنــــاب

وطـــــــن الــعــروبــة مــوطــنــي أعـــيـــاده
عــيــدي ، وشــكــوى إخــوتــي أوصــابـي

فــاتـرك جـنـاحـي حــيـث يـهـوى يـحـتضن
جـــــــوّ الـــعــروبــة جــيــئـتـي وذهـــابـــي

يـــا ابـــن الـعـروبـة شــدّ فــي كـفّـي يــدا
نـــنـــفــض غــــبــــار الــــــــذلّ والأتــــعـــاب

فــهــنـا هــنــا الــيـمـن الـخـصـيـب مــقـابـر
ودم مــــــبـــــاح واحــــتـــشـــاد ذئــــــــــاب

ذكّـــره بـالـمـاضي عــسـى يـبـني عـلـى
أضـــــوائــــه مـــــجــــدا أعـــــــــزّ جــــنــــاب

ذكّـــــــــره بـــالــتــاريــخ واذكـــــــــر أنّــــــــه
شــعــب الــحـضـارة مــشـرق الأحــسـاب

صــــنـــع الـــحــضــارة والـــعــوالــم نـــــــوّم
والـــدهــر طـــفــل فـــــي مـــهــود تـــــراب

ومـشـى عـلـى قـمـم الـدهـور إلـى الـعلا
وبــنــي الــصـروح عــلـى ربـــى الأحــقـاب

وهــدى الـسـبيل إلــى الـحـضارة والـدنى
فـــي الـتـيـه لـــم تـحـلـم بـلـمـح شــهـاب

فـمـتـى يـفـيـق عــلـى الــشـروق ويـومـه
يـــبـــدو ويــخــفـي كــالـشـعـاع الــخــابـي

يــــا شــعــب مــــزّق كــــلّ طـــاغ وانــتـزع
عــــــــن ســـاقــيــك مـــهــابــة الأربـــــــاب

واحـــــذر رجــــالا كــالـوحـوش كـسـوتـهـم
خــلــعــا مــــــن ( الأجـــــواخ ) والألـــقــاب

خــنــقــوا الـــبــلاد وجـــورهــم وعــتــوّهـم
كـــــلّ الـــصــواب وفـــصــل كــــلّ خــطــاب

لــــم يـحـسـبـوا لـلـشـعـب لــكــن عــنــده
لــلــعـابـثـيـن بــــــــه أشــــــــدّ حــــســـاب

صـمـت الـشـعوب عـلـى الـطغاة وعـنفهم
صــمـت الـصـواعـق فـــي بـطـون سـحـاب

فـــاحــذر رجــــالا كــالـوحـوش هـمـومـهـم
ســـلــب الــحــمـى والــفـخـر بــالأســلاب

شــهــدوا تــقـدّمـك الــسـريـع فــأسـرعـوا
يــتــراجــعـون بـــــــه عــــلـــى الأعـــقـــاب

لــــم يـحـسـنـوا صــدقـا ولا كــذبـا ســـوى
حـــيـــل الــغــبــيّ وخـــدعــة الـمـتـغـابـي

قــــــل لـــلإمـــام: و إن تــحــفّــز ســيــفــه
أعــــوانــــك الأخــــيــــار شــــــــرّ ذئــــــــاب

يـــومـــون عـــنـــدك بــالـسـجـود وعــنــدنـا
يــــــومــــــون بــــالأظــــفـــار والأنــــــيـــــاب

هــــم فــــي كـراسـيـهـم قـيـاصـرة وهـــم
عــــنــــد الأمــــيـــر عـــجــائــز الـــمــحــراب

يــتــمـلّـقـون و يــبــلــغـون إلــــــى الـــعـــلا
بـــخــداعــهــم وبـــأخـــبـــث الأســـــبــــاب

مـــــن كـــــلّ مــعــسـول الــنــفـاق كــأنّــه
حــسـنـا تــتـاجـر فــــي الــهــوى وتــرابـي

وغـــدا سـيـحـترقون فــي وهــج الـسـنى
وكـــأنّـــهــم كــــانــــوا خـــــــداع ســـــــراب

وتـفـيق ( صـنـعاء ) الـجـديد عـلى الـهدى
والـــوحـــدة الــكــبــرى عـــلـــى الأبـــــواب


قصيدة الغزو من الداخل


فــظـيـعٌ جــهـلُ مـــا يــجـري
وأفـــظــعُ مـــنــه أن تــــدري

وهــــل تــدريــن يـــا صـنـعـاء
مـــن الـمـسـتعمر الــسـرّي

غـــــــــزاة لا أشـــاهـــدهــم
وسـيـف الـغـزو فـي صـدري

فـــقــد يــأتــون تــبـغـا فــــي
ســجــائــر لــونــهــا يـــغــري

وفــــي صــدقــات وحــشـي
يـؤنـسـن وجــهـه الـصـخري

وفـــي أهـــداب أنـثـى فــي
مــنـاديـل الــهـوى الـقـهـري

وفـــــي ســـــروال أســـتــاذ
وتــحــت عــمـامـة الـمـقـري

وفــي أقــراص مـنـع الـحمل
وفـــــــي أنـــبــوبــة الــحــبــر

وفــــــي حـــريـــة الــغـثـيـان
وفـــــــي عــبــثـيـة الــعــمــر

وفــي عَـود احـتلال الأمـس
فــــــي تـشـكـيـلـه الــعــصـر

وفــــي قـنـيـنـة الـويـسـكي
وفــــــي قــــــارورة الــعــطــر

ويـسـتـخفون فـــي جــلـدي
ويـنـسـلـون مــــن شــعــري

وفـــوق وجـوهـهـم وجــهـي
وتــحــت خـيـولـهـم ظــهـري

غـــــزاة الــيــوم كـالـطـاعـون
يــخـفـى وهـــو يـسـتـشري

يـــحــجــر مــــولـــد الآتــــــي
يــوشـي الـحـاضـر الــمـزري

فــظـيـع جــهـل مـــا يــجـري
وأفـــظــع مـــنــه أن تــــدري

يــمـانـيـون فــــي الـمـنـفـى
ومــنـفـيـون فـــــي الــيــمـن

جـنـوبـيون فـــي ( صـنـعاء )
شـمـالـيون فـــي ( عـــدن )

وكـــالأعـــمــام والأخـــــــوال
فـــــي الإصـــــرار والـــوهــن

خـــطــى أكــتـوبـر انـقـلـبـت
حـــزيـــرانـــيـــة الــــكــــفـــن

تَـــرَقّــى الــعــارُ مــــن بــيــعٍ
إلــــــى بـــيــعٍ بـــــلا ثـــمــنِ

ومــــــن مــسـتـعـمـر غــــــازٍ
إلـــــى مـسـتـعـمر وطــنــي

لــمــاذا نــحــن يــــا مــربــي
ويــــا مــنـفـى بــــلا ســكـن

بـــــلا حـــلــم بــــلا ذكــــرى
بـــلا ســلـوى بـــلا حـــزن ؟

يـــمــانــيــون يــــــــا( أروى )
ويــا ( سـيف بـن ذي يـزن )

ولـــــكــــنّــــا بـــرغـــمــكــمــا
بــــــلا يُـــمـــن بـــــلا يَـــمــن

بــــــــلا مــــــــاض بـــــــلا آت
بــــــلا سِــــــرّ بـــــلا عـــلــن

أيـا ( صـنعاء ) مـتى تأتين ؟
مـــــــن تـــابــوتــك الــعَــفــن

تُـسـائِـلُني أتـــدري ؟ فـــات
قــــبـــل مــجــيـئـه زمـــنـــي

مـــتـــى آتــــــي ألا تـــــدري
إلـــى أيــن انـثـنت سـفـني

لــقــد عــــادت مـــن الآتـــي
إلـــــى تــاريـخـهـا الــوثــنـي

فــظـيـعٌ جــهـلُ مـــا يــجـري
وأفـــظــع مـــنــه أن تــــدري

شــعـاري الـيـوم يــا مــولاي
نـــحـــن نـــبـــات إخــصــابـك

لأن غــــــنـــــاك أركــــعــــنـــا
عـــلـــى أقــــــدام أحــبــابـك

فـألَّـهْـناك قـلـنا : الـشـمسُ
مـــــن أقـــبــاس أحــسـابـك

فـنـم يــا ( بـابـك الـخرمي )
على ( بلقيس ) يا ( بابك )

ذوائــبــهــا ســـريــر هـــــواك
بــــعـــض ذيــــــول أربـــابـــك

وبــــســـم الله (جــــــلّ اللهُ)
نــحــسـو كـــــأسَ أنــخـابـك

أمــيــر الـنـفـط نــحـن يـــداك
نــــحــــن أحـــــــد أنـــيــابــك

ونــحـن الــقـادة الـعـطـشى
إلــــــى فـــضــلات أكـــوابــك

ومـسـئولون فـي ( صـنعاء )
وفـــراشـــون فـــــي بـــابــك

ومــــن دمــنــا عــلـى دمــنـا
تَــمَــوقـع جــيــش إرهــابــك

لــقـد جـئـنـا نــجـر الـشـعب
فــــــي أعـــتـــاب أعــتــابــك

ونــــأتـــي كــلّــمــا تـــهـــوى
نُــمَــسّـحُ نـــعــل حُــجّــابـك

ونــســتــجــديــك ألـــقـــابـــا
نـــتـــوجـــهـــا بـــألـــقـــابـــك

فــمــرنــا كــيـفـمـا شـــــاءتْ
نــــوايـــا لـــيـــلِ ســـردابـــك

نــعــم يــــا ســيــد الأذنـــاب
إنّـــــــــا خـــــيــــرُ أذنــــابــــك

فــظـيـعٌ جــهـلُ مـــا يــجـري
وأفـــظــعُ مـــنــه أن تــــدري


قصيدة امرأة وشاعر


أتــسـائـلـيـن مـــــن الـــتــي
آثـــرت أو أيـــن اشـتـياقي ؟

وتـــردّديـــن ألـــســت مـــــن
أبـدعت صـحوي وائـتلاقي ؟

شــطــآن عــيـنـيّ اخــضــرار
مـواسـمـي دفـئـي مـذاقـي

بـسـتـان وجــهـي أمـسـيات
جـدائـلـي ضـحـوات سـاقـي

سـمـيـتني وهـــج الـضّـحى
قـمـرا يـجـلّ عـلـى الـمحاق

بــــــوح الــزنــابــق والـــــورود
إلــــى الـنّـسـيمات الــرفـاق

أنــســيــتــنـي بــشــريّــتــي
ونـسيت بـالأرض التصافي !

وذهــبـت يـــا أغــلـى مــرايـا
الـحـسـن أو أحــلـى نــفـاق

أتـعـود لـي تـبكي غـروبي ؟
أو تـــغـــنــي لانــبــئــاقــي ؟

لـــن تـعـدمـي غــيـري ولــن
تـلـقي كـصـدقي واخـتلاقي

قــــد كــنــت مــوثـوقـا إلــيـك
مــن الـتي قـطعت وثـاقي ؟

لــمّـا وجـــدت الــقـرب مـنـك
أمــــرّ مــــن ســهـر الــفـراق

آثــــرت حـــزن الـبـعـد عــنـك
عـــلــى مــــرارات الــتّـلاقـي

وبــــــدون تـــوديــع ذهـــبــت
كـــمــا أتــيــت بــــلا اتــفــاق

ونــسـيـت بـيـتـك والـطـريـق
نــســيـت رائـــحــة الــزقــاق

لـــم أدر مــن أيــن انـطـلقت
ومــن لـقيت لـدى انـطلاقي

انـسـقت.. لا أدري الـطـريق
ولا الـطريق يـعي انـسياقي

حـــتــى الـمـصـابـيح الــتــي
حــولـي تـعـانـي كـاخـتناقي

كــــان الــلّـقـاء بــــلا وجــــوه
والــــفـــراق بــــــلا مـــآقـــي

فـــلـــتــتــركــي لــــلــــنّـــوى
أظــمــا وأمــتــص احـتـراقـي

وبــرغـم هـــذا الــجـدب لـــن
أنـسى عـلى الـحلّ المراق

لـــكــنّ لـــمــاذا تـسـألـيـن ؟
بـمن أهـيم.. ومـن ألاقـي ؟

فــلــتـسـتـريـحـي إنّـــــنــــي
وحــدي ، وأحـزانـي رفـاقـي

كــالـسـنـدبـاد بــــــلا بـــحــار
كــالــغـديـر بـــــلا ســـواقــي

ورجـــــــــايّ ألاّ تـــســـألـــي
هل مت.. أو ما زلت باقي ؟


قصيدة من أرض بلقيس


مـن أرض بـلقيس هـذا الـلحن والـوتر
مــن جـوهـا هــذه الأنـسام والـسحر

مـن صـدرها هـذه الآهـات، من فمها
هــذي الـلـحون ومــن تـاريـخها الـذكر

من «السعيدة» هذي الأغنيات ومن
ظــلالــهـا هــــذه الأطــيــاف والــصــور

أطـيـافها حـول مـسرى خـاطري زمـر
مـــن الـتـرانـيم تــشـدو حـولـهـا زمـــر

مـن خاطر «اليمن» الخضرا ومهجتها
هــــذي الأغــاريـد والأصـــداء والـفـكـر

هـــــذا الـقـصـيـد أغـانـيـهـا ودمـعـتـهـا
وســحـرهـا وصـبـاهـا الأغــيـد الـنـضـر

يـكـاد مــن طــول مــا غـنـى خـمائلها
يـفـوح مــن كــل حــرف جـوها الـعطر

يــكـاد مــن كـثـر مــا ضـمـته أغـصـنها
يـــرف مـــن وجـنـتـيها الـــورد والـزهـر

كــأنـه مـــن تـشـكـي جـرحـهـا مـقـل
يــلـح مـنـهـا الـبـكـا الـدامـي ويـنـحدر

يـــا أمـــي الـيـمـن الـخـضرا وفـاتـنتي
مـنك الـفتون ومـني العشق والسهر

هـا أنـت فـي كـل ذراتي وملء دمي
شــعـر «تـعـنـقده» الـذكـرى وتـعـتصر

وأنـت فـي حـضن هـذا الـشعر فـاتنة
تــطــل مــنــه، وحـيـنـاً فــيـه تـسـتـتر

وحسب شاعرها منها - إذا احتجبت
عــــن الــلـقـا - أنــــه يــهــوى ويــذكـر

وأنــهــا فــــي مــآقـي شــعـره حــلـم
وأنــهــا فــــي دجـــاه اللهو والـسـمـر

فــــلا تــلــم كـبـريـاهـا فــهـي غـانـيـة
حـسنا، وطـبع الـحسان الكبر والخفر

من هذه الأرض هذي الأغنيات، ومن
ريــاضــهــا هــــــذه الأنـــغـــام تــنـتـثـر

مـن هـذه الأرض حـيث الـضوء يلثمها
وحــيـث تـعـتـنق الأنــسـام والـشـجر

مـا ذلـك الـشدو؟ مـن شاديه؟ إنهما
مـن أرض بـلقيس هـذا الـلحن والـوتر
أحدث أقدم