أجمل قصائد أبو الطيب المتنبي

أفضل أشعار المتنبي

ولـد أبو الطيب المتنبي في 303هـ بمدينة الكوفة بالعراق، وتوفي في 354هـ بالعاصمة العراقية بغداد، كان المتنبي من أعظم شعراء العربية، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاءاً في بلاط سيف الدولة الحمداني بمدينة حلب، وله مكانة سامية لم تُتيح مثلها لغيره من شعراء العربية، فهو نادر زمانه، وأعجوبة عصره. وفي هذا المقال جمعنا لكم أفضل قصائد المتنبي.

قصيدة: الخيل والليل والبيداءُ تعرفني

وَاحَــــرّ قَــلْـبـاهُ مــمّــنْ قَــلْـبُـهُ شَــبِــمُ

وَمَــنْ بـجِسْمي وَحـالي عِـندَهُ سَـقَمُ

مــا لــي أُكَـتِّـمُ حُـبّاً قَـدْ بَـرَى جَـسَدي

وَتَــدّعـي حُــبّ سَـيـفِ الـدّوْلـةِ الأُمَــمُ

إنْ كَــــــانَ يَــجْـمَـعُـنَـا حُــــــبٌّ لِــغُــرّتِـهِ

فَــلَـيْـتَ أنّــــا بِــقَــدْرِ الــحُــبّ نَـقْـتَـسِمُ

قــــد زُرْتُـــهُ وَسُــيُـوفُ الـهِـنْـدِ مُـغْـمَـدَةٌ

وَقـــــد نَـــظَــرْتُ إلَــيْــهِ وَالــسّـيُـوفُ دَمُ

فـــكــانَ أحْـــسَــنَ خَــلــقِ الله كُــلّـهِـمِ

وَكـانَ أحـسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ

فَــــوْتُ الــعَــدُوّ الــــذي يَـمّـمْـتَـهُ ظَــفَـرٌ

فـــي طَــيّـهِ أسَـــفٌ فـــي طَــيّـهِ نِـعَـمُ

قـد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ

لَــــكَ الـمَـهـابَـةُ مــــا لا تَـصْـنَـعُ الـبُـهَـمُ

أَلـزَمـتَ نَـفـسَكَ شَـيـئاً لَـيـسَ يَـلـزَمُها

أَن لا يُــــوارِيَــــهُـــم أَرضٌ وَلا عَـــــلَـــــمُ

أكُـلّـمَـا رُمْـــتَ جَـيْـشـاً فـانْـثَـنَى هَـرَبـاً

تَــصَـرّفَـتْ بِــــكَ فــــي آثَــــارِهِ الــهِـمَـمُ

عَــلَـيْـكَ هَـزْمُـهُـمُ فـــي كـــلّ مُـعْـتَـرَكٍ

وَمَــــا عَـلَـيْـكَ بــهِـمْ عـــارٌ إذا انـهَـزَمُـوا

أمَـــا تَـــرَى ظَــفَـراً حُـلْـواً سِــوَى ظَـفَـرٍ

تَـصـافَـحَتْ فـيـهِ بِـيـضُ الـهِـنْدِ وَالـلِّـممُ

يـــا أعــدَلَ الـنّـاسِ إلاّ فــي مُـعـامَلَتي

فـيـكَ الـخِـصامُ وَأنــتَ الـخصْمُ وَالـحكَمُ

أُعِــيــذُهــا نَـــظَــراتٍ مِـــنْــكَ صـــادِقَــةً

أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ

وَمَــــا انْــتِـفَـاعُ أخـــي الـدّنْـيَـا بِـنَـاظِـرِهِ

إذا اسْــتَــوَتْ عِــنْــدَهُ الأنْـــوارُ وَالـظُّـلَـمُ

سَـيـعْلَمُ الـجَـمعُ مـمّـنْ ضَـمّ مَـجلِسُنا

بـأنّـنـي خَــيـرُ مَــنْ تَـسْـعَى بــهِ قَــدَمُ

أنَــا الــذي نَـظَـرَ الأعْـمَـى إلــى أدَبــي

وَأسْـمَـعَـتْ كَـلِـمـاتي مَــنْ بــهِ صَـمَـمُ

أنَـــامُ مِـــلْءَ جُـفُـونـي عَــنْ شَـوَارِدِهَـا

وَيَــسْـهَـرُ الــخَـلْـقُ جَــرّاهَــا وَيـخْـتَـصِمُ

وَجــاهِـلٍ مَـــدّهُ فـــي جَـهْـلِهِ ضَـحِـكي

حَـــتــى أتَـــتْــه يَـــــدٌ فَـــرّاسَــةٌ وَفَــــمُ

إذا رَأيْــــــتَ نُـــيُـــوبَ الــلّــيْــثِ بـــــارِزَةً

فَــــــلا تَــظُــنّـنّ أنّ الــلّــيْـثَ يَــبْـتَـسِـمُ

وَمُـهْـجَةٍ مُـهْـجَتي مــن هَــمّ صَـاحِـبها

أدرَكْـــتُــهَــا بـــجَـــوَادٍ ظَـــهْـــرُه حَــــــرَمُ

رِجــلاهُ فــي الـرّكضِ رِجـلٌ وَالـيدانِ يَـدٌ

وَفِــعْــلُـهُ مَــــا تُــريــدُ الــكَــفُّ وَالــقَــدَمُ

وَمُــرْهَـفٍ ســرْتُ بـيـنَ الـجَـحْفَلَينِ بــهِ

حــتـى ضـرَبْـتُ وَمَــوْجُ الـمَـوْتِ يَـلْـتَطِمُ

الــخَـيْـلُ وَالــلّـيْـلُ وَالــبَـيْـداءُ تَـعـرِفُـنـي

وَالـسّـيفُ وَالـرّمـحُ والـقـرْطاسُ وَالـقَلَمُ

صَـحِبْتُ فـي الـفَلَواتِ الـوَحشَ مـنفَرِداً

حــتـى تَـعَـجّـبَ مــنـي الــقُـورُ وَالأكَــمُ

يَــــا مَــــنْ يَــعِــزّ عَـلَـيْـنَـا أنْ نُـفَـارِقَـهُـمْ

وِجـدانُـنـا كُـــلَّ شـــيءٍ بَـعـدَكـمْ عَــدَمُ

مَــــا كــــانَ أخـلَـقَـنَـا مِــنـكُـمْ بـتَـكـرِمَـةٍ

لَـــــوْ أنّ أمْـــرَكُــمُ مِـــــن أمــرِنَــا أمَــــمُ

إنْ كـــانَ سَــرّكُـمُ مـــا قـــالَ حـاسِـدُنَا

فَــــمَـــا لـــجُـــرْحٍ إذا أرْضـــاكُـــمُ ألَــــــمُ

وَبَــيْــنَـنَـا لَــــــوْ رَعَــيْــتُـمْ ذاكَ مَــعــرِفَـةٌ

إنّ الـمَـعارِفَ فــي أهْــلِ الـنُّـهَى ذِمَـمُ

كــــم تَـطْـلُـبُـونَ لَــنَـا عَـيْـبـاً فـيُـعـجِزُكمْ

وَيَـــكْـــرَهُ الله مــــــا تَـــأتُـــونَ وَالـــكَـــرَمُ

مـا أبـعدَ الـعَيبَ والـنّقصانَ منْ شرَفي

أنَـــــا الــثّـرَيّـا وَذانِ الــشّـيـبُ وَالــهَــرَمُ

لَـيْـتَ الـغَـمَامَ الــذي عـنـدي صَـواعِقُهُ

يُـزيـلُـهُـنّ إلــــى مَــــنْ عِــنْــدَهُ الــدِّيَـمُ

أرَى الــنّـوَى يَـقـتَـضيني كـــلَّ مَـرْحَـلَـةٍ

لا تَـسْـتَـقِـلّ بــهــا الــوَخّــادَةُ الــرُّسُــمُ

لَــئِــنْ تَــرَكْــنَ ضُــمَـيـراً عَـــنْ مَـيـامِـنِنا

لَــيَــحْـدُثَـنّ لـــمَـــنْ وَدّعْــتُــهُــمْ نَـــــدَمُ

إذا تَــرَحّـلْـتَ عـــن قَـــوْمٍ وَقَـــد قَـــدَرُوا

أنْ لا تُــفــارِقَـهُـمْ فــالــرّاحِـلـونَ هُــــــمُ

شَــــرُّ الــبِــلادِ مَــكــانٌ لا صَــديـقَ بِـــهِ

وَشَــرُّ مــا يَـكـسِبُ الإنـسـانُ مـا يَـصِمُ

وَشَــــرُّ مــــا قَـنّـصَـتْـهُ رَاحَــتـي قَــنَـصٌ

شُــهْـبُ الــبُـزاةِ سَـــواءٌ فــيـهِ والـرَّخَـمُ

بــــأيّ لَــفْــظٍ تَــقُــولُ الـشّـعْـرَ زِعْـنِـفَـةٌ

تَـــجُــوزُ عِـــنــدَكَ لا عُــــرْبٌ وَلا عَــجَــمُ

هَــــــــذا عِـــتـــابُــكَ إلاّ أنّـــــــهُ مِــــقَـــةٌ

قـــــد ضُـــمّــنَ الـــــدُّرَّ إلاّ أنّـــــهُ كَـــلِــمُ

قصيدة: عيد بأية حال عدت يا عيد

عــيــدٌ بــأيّـةِ حـــالٍ عُـــدتَ يـــا عــيـدُ

بــمَـا مَــضَـى أمْ بــأمْـرٍ فــيـكَ تـجْـديدُ

أمّــــــا الأحِـــبّــةُ فــالـبَـيْـداءُ دونَـــهُــمُ

فَــلَـيـتَ دونَــــكَ بِــيــداً دونَــهَــا بِــيــدُ

لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا

وَجْــنَــاءُ حَــــرْفٌ وَلا جَــــرْداءُ قَــيْــدودُ

وَكَــانَ أطـيَـبَ مِــنْ سَـيـفي مُـعـانَقَةً

أشْـــبَــاهُ رَوْنَـــقِــهِ الــغِــيـدُ الأمَــالـيـدُ

لـم يَـترُكِ الـدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي

شَــيْــئــاً تُــتَـيّـمُـهُ عَـــيــنٌ وَلا جِـــيــدُ

يــا سَـاقِـيَيَّ أخَـمْـرٌ فــي كُـؤوسـكُما

أمْ فــي كُـؤوسِـكُمَا هَــمٌّ وَتَـسـهيدُ؟

أصَــخْـرَةٌ أنَـــا، مـــا لـــي لا تُـحَـرّكُني

هَـــذِي الــمُـدامُ وَلا هَــذي الأغَـارِيـدُ

إذا أرَدْتُ كُــمَــيْــتَ الـــلّــوْنِ صَــافِــيَـةً

وَجَـدْتُـهَـا وَحَـبـيـبُ الـنّـفـسِ مَـفـقُـودُ

مـــاذا لَـقـيـتُ مـــنَ الـدّنْـيَـا وَأعْـجَـبُـهُ

أنــي بـمَـا أنَــا شــاكٍ مِـنْـهُ مَـحْسُودُ

أمْــسَــيْـتُ أرْوَحَ مُــثْــرٍ خَــازِنــاً وَيَــــداً

أنَـــــا الــغَـنـيّ وَأمْــوَالــي الـمَـوَاعِـيـدُ

إنّـــــي نَــزَلْــتُ بـكَـذّابِـيـنَ، ضَـيْـفُـهُـمُ

عَــنِ الـقِـرَى وَعَــنِ الـتـرْحالِ مـحْدُودُ

جــودُ الـرّجـالِ مـن الأيـدي وَجُـودُهُمُ

مــنَ الـلّـسانِ، فَــلا كـانـوا وَلا الـجُـودُ

مـا يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ

إلاّ وَفــــي يَــــدِهِ مِــــنْ نَـتْـنِـهَـا عُـــودُ

أكُـلّـمَـا اغــتَـالَ عَـبـدُ الـسّـوْءِ سَـيّـدَهُ

أوْ خَــانَــهُ فَــلَـهُ فـــي مــصـرَ تَـمْـهِـيدُ

صَـــارَ الـخَـصِـيّ إمَـــامَ الآبِـقِـيـنَ بِـهَـا

فــالـحُـرّ مُـسْـتَـعْـبَدٌ وَالــعَـبْـدُ مَـعْـبُـودُ

نَــامَـتْ نَـوَاطِـيـرُ مِــصـرٍ عَـــنْ ثَـعَـالِبِها

فَــقَـدْ بَـشِـمْنَ وَمــا تَـفـنى الـعَـنَاقيدُ

الــعَــبْـدُ لَــيْــسَ لِــحُــرٍّ صَــالِــحٍ بــــأخٍ

لَـــوْ أنّـــهُ فـــي ثِــيَـابِ الــحُـرّ مَــوْلُـودُ

لا تَــشْـتَـرِ الــعَـبْـدَ إلاّ وَالـعَـصَـا مَــعَـهُ

إنّ الــعَــبــيـدَ لأنْــــجَـــاسٌ مَــنَــاكِــيـدُ

مــا كُـنتُ أحْـسَبُني أحْـيَا إلـى زَمَـنٍ

يُـسِـيءُ بـي فـيهِ عَـبْدٌ وَهْـوَ مَـحْمُودُ

ولا تَـوَهّـمْـتُ أنّ الــنّـاسَ قَــدْ فُـقِـدوا

وَأنّ مِــثْــلَ أبــــي الـبَـيْـضـاءِ مَــوْجـودُ

وَأنّ ذا الأسْـــوَدَ الـمَـثْـقُوبَ مَـشْـفَـرُهُ

تُــطـيـعُـهُ ذي الــعَـضَـاريـطُ الــرّعـاديـد

جَـوْعانُ يـأكُلُ مِـنْ زادي وَيُـمسِكني

لــكَـيْ يُـقـالَ عَـظـيمُ الـقَـدرِ مَـقْـصُودُ

وَيْــلُــمِّـهَـا خُـــطّـــةً وَيْـــلُـــمِّ قَــابِـلِـهَـا

لِـمِـثْـلِـهـا خُـــلِــقَ الــمَـهْـرِيّـةُ الــقُــودُ

وَعِـنْـدَهـا لَــذّ طَـعْـمَ الـمَـوْتِ شَـارِبُـهُ

إنّ الــمَـنِـيّـةَ عِـــنْــدَ الـــــذّلّ قِــنْــديـدُ

مَـنْ عَـلّمَ الأسْـوَدَ الـمَخصِيّ مـكرُمَةً

أقَـــوْمُــهُ الــبِـيـضُ أمْ آبَــــاؤهُ الــصِّـيـدُ

أمْ أُذْنُـــهُ فـــي يَـــدِ الـنّـخّاسِ دامِـيَـةً

أمْ قَـــدْرُهُ وَهْـــوَ بـالـفِـلْسَينِ مَـــرْدودُ

أوْلـــــى الــلّــئَـامِ كُــوَيْـفِـيـرٌ بــمَـعْـذِرَةٍ

فــي كــلّ لُــؤمٍ، وَبَـعضُ الـعُذرِ تَـفنيدُ

وَذاكَ أنّ الــفُـحُـولَ الــبِـيـضَ عــاجِــزَةٌ

عـنِ الـجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟

قصيدة: على قدر أهل العزم تأتي العزائم

عَـلـى قَــدْرِ أهْــلِ الـعَـزْم تـأتـي الـعَزائِمُ

وَتــأتـي عــلَـى قَـــدْرِ الــكِـرامِ الـمَـكـارمُ

وَتَـعْـظُـمُ فـــي عَــيـنِ الـصّـغـيرِ صـغـارُها

وَتَـصْـغُـرُ فـــي عَــيـن الـعَـظيمِ الـعَـظائِمُ

يُـكَـلّـفُ ســيـفُ الـدّوْلَـةِ الـجـيشَ هَـمّـهُ

وَقــد عَـجِـزَتْ عـنـهُ الـجـيوشُ الـخـضارمُ

وَيَـطـلُبُ عـنـدَ الـنّـاسِ مــا عـنـدَ نـفسِه

وَذلــــــكَ مــــــا لا تَــدّعــيــهِ الــضّــرَاغِــمُ

يُــفَــدّي أتَــــمُّ الــطّـيـرِ عُــمْـراً سِــلاحَـهُ

نُـــسُــورُ الــفَــلا أحــداثُـهـا وَالـقَـشـاعِـمُ

وَمـــــا ضَــرّهــا خَــلْــقٌ بــغَـيـرِ مَــخـالِـبٍ

وَقَــــــدْ خُــلِــقَــتْ أســيــافُـهُ وَالــقَــوائِـمُ

هَـــلِ الــحَـدَثُ الـحَـمـراءُ تَــعـرِفُ لـوْنَـهـا

وَتَـــعْــلَــمُ أيُّ الــسّــاقِـيَـيْـنِ الــغَــمَــائِـمُ

سَـقَـتْـهـا الــغَـمَـامُ الــغُــرُّ قَــبْــلَ نُــزُولِـهِ

فَــلَـمّـا دَنَـــا مِـنـهـا سَـقَـتـها الـجَـمـاجِمُ

بَــنَـاهَـا فــأعْـلـى وَالــقَـنَـا يَــقْـرَعُ الـقَـنَـا

وَمَــــــوْجُ الــمَــنَـايَـا حَــوْلَــهــا مُــتَــلاطِـمُ

وَكــــانَ بــهَـا مــثْـلُ الـجُـنُـونِ فـأصْـبَـحَتْ

وَمِــــنْ جُــثَـثِ الـقَـتْـلى عَـلَـيْـها تَـمـائِـمُ

طَـــريـــدَةُ دَهْــــــرٍ ســاقَــهــا فَــرَدَدْتَــهَـا

عـلـى الـدّيـنِ بـالـخَطّيّ وَالـدّهْـرُ رَاغِــمُ

تُـفـيـتُ الـلّـيـالي كُـــلَّ شـــيءٍ أخَــذْتَـهُ

وَهُـــــنّ لِـــمَــا يــأخُــذْنَ مــنــكَ غَــــوَارِمُ

إذا كــــانَ مــــا تَــنْـوِيـهِ فِــعْــلاً مُــضـارِعـاً

مَـضَـى قـبـلَ أنْ تُـلـقى عـلَـيهِ الـجَـوازِمُ

وكـيـفَ تُـرَجّـي الــرّومُ والــرّوسُ هـدمَها

وَذا الــطّــعْـنُ آســـــاسٌ لــهَــا وَدَعــائِــمُ

وَقَـــــد حــاكَـمُـوهَـا وَالــمَـنَـايَـا حَـــوَاكِــمٌ

فَــمـا مـــاتَ مَـظـلُـومٌ وَلا عـــاشَ ظـالِـمُ

أتَـــــــوْكَ يَـــجُـــرّونَ الــحَــديــدَ كَــأَنَّــهُــمْ

سَــــــرَوْا بِــجِــيَـادٍ مـــــا لَـــهُــنّ قَـــوَائِــمُ

إذا بَــرَقُــوا لـــم تُــعْـرَفِ الـبِـيـضُ مـنـهُـمُ

ثِــيــابُــهُـمُ مــــــن مِــثْــلِـهـا وَالــعَــمَـائِـمُ

خـمـيسٌ بـشـرْقِ الأرْضِ وَالـغرْبِ زَحْـفُهُ

وَفــــــي أُذُنِ الـــجَـــوْزَاءِ مـــنــهُ زَمَـــــازِمُ

تَــجَــمّــعَ فـــيــهِ كـــــلُّ لِـــسْــنٍ وَأُمّـــــةٍ

فَـــمَــا يُــفْــهِـمُ الـــحُــدّاثَ إلاّ الــتــرَاجِـمُ

فَــلِــلّــهِ وَقْــــــتٌ ذَوّبَ الـــغِـــشَّ نَــــــارُهُ

فَـــلَـــمْ يَـــبْـــقَ إلاّ صَــــــارِمٌ أوْ ضُـــبــارِمُ

تَــقَـطّـعَ مــــا لا يَــقْـطَـعُ الــــدّرْعَ وَالـقَـنَـا

وَفَــــرّ مــــنَ الـفُـرْسـانِ مَـــنْ لا يُــصـادِمُ

وَقَـفْـتَ وَمــا فــي الـمَـوْتِ شــكٌّ لـوَاقِفٍ

كــأنّـكَ فـــي جَــفـنِ الــرّدَى وهْــوَ نـائِـمُ

تَــمُــرّ بــــكَ الأبــطــالُ كَـلْـمَـى هَـزيـمَـةً

وَوَجْـــهُـــكَ وَضّــــــاحٌ وَثَـــغْـــرُكَ بـــاسِــمُ

تــجــاوَزْتَ مِــقـدارَ الـشّـجـاعَةِ والـنُّـهَـى

إلـــى قَـــوْلِ قَـــوْمٍ أنــتَ بـالـغَيْبِ عـالِـمُ

ضَـمَـمْتَ جَـناحَيهِمْ عـلى الـقلبِ ضَـمّةً

تَـــمُــوتُ الــخَـوَافـي تـحـتَـهـا وَالــقَــوَادِمُ

بــضَـرْبٍ أتَـــى الـهـاماتِ وَالـنّـصرُ غَـائِـبٌ

وَصَــــارَ إلــــى الــلّـبّـاتِ وَالــنّـصـرُ قَـــادِمُ

حَــقَــرْتَ الـرُّدَيْـنِـيّـاتِ حــتــى طَـرَحـتَـهـا

وَحــتـى كـــأنّ الـسّـيـفَ لـلـرّمحِ شـاتِـمُ

وَمَــــنْ طَــلَــبَ الــفَـتْـحَ الـجَـلـيلَ فـإنّـمَـا

مَـفـاتِـيـحُهُ الــبِـيـضُ الـخِـفـافُ الــصّـوَارِمُ

نَــثَــرْتَــهُـمُ فَـــــــوْقَ الأُحَـــيْـــدِبِ كُـــلّـــهِ

كــمَـا نُــثِـرَتْ فَـــوْقَ الــعَـرُوسِ الـدّراهـمُ

تـدوسُ بـكَ الـخيلُ الـوكورَ عـلى الـذُّرَى

وَقـــد كــثـرَتْ حَـــوْلَ الــوُكـورِ الـمَـطـاعِمُ

تَـــظُــنّ فِـــــراخُ الــفُــتْـخِ أنّـــــكَ زُرْتَـــهَــا

بــأُمّـاتِـهـا وَهْـــــيَ الــعِــتـاقُ الـــصّــلادِمُ

إذا زَلِـــــقَــــتْ مَــشّــيْــتَـهـا بــبُــطــونِـهَـا

كــمَـا تَـتَـمَـشّى فــي الـصّـعيدِ الأراقِــمُ

أفـــي كُـــلّ يَـــوْمٍ ذا الـدُّمُـسْتُقُ مُـقـدِمٌ

قَــفَــاهُ عــلــى الإقْــــدامِ لـلـوَجْـهِ لائِـــمُ

أيُــنــكِـرُ رِيــــحَ الــلّـيـثِ حــتــى يَــذُوقَــهُ

وَقــــد عَــرَفــتْ ريــــحَ الـلّـيـوثِ الـبَـهَـائِمُ

وَقـــــد فَـجَـعَـتْـهُ بــابْـنِـهِ وَابــــنِ صِــهْــرِهِ

وَبـالـصّـهْـرِ حَــمْــلاتُ الأمــيـرِ الـغَـوَاشِـمُ

مضَى يَشكُرُ الأصْحَابَ في فوْته الظُّبَى

لِـــمَــا شَـغَـلَـتْـهَا هــامُـهُـمْ وَالـمَـعـاصِـمُ

وَيَــفْــهَـمُ صَـــــوْتَ الـمَـشـرَفِـيّةِ فــيـهِـمِ

عــلــى أنّ أصْــــواتَ الـسّـيـوفِ أعَــاجِـمُ

يُــسَــرّ بــمَــا أعْــطــاكَ لا عَـــنْ جَـهَـالَـةٍ

وَلـــكِــنّ مَــغْـنُـومـاً نَــجَــا مــنــكَ غــانِــمُ

وَلَـــسْـــتَ مَــلــيـكـاً هـــازِمـــاً لِــنَـظِـيـرِهِ

وَلَــكِــنّـكَ الــتّـوْحـيـدُ لــلــشّـرْكِ هَـــــازِمُ

تَــــشَـــرّفُ عَــــدْنـــانٌ بــــــهِ لا رَبــيــعَــةٌ

وَتَــفْــتَـخِـرُ الــدّنْــيــا بــــــهِ لا الــعَــوَاصِـمُ

لَــكَ الـحَمدُ فـي الـدُّرّ الـذي لـيَ لَـفظُهُ

فــــإنّــــكَ مُــعْــطــيـهِ وَإنّـــــــيَ نَــــاظِـــمُ

وَإنّــي لَـتَعْدو بـي عَـطَايَاكَ فـي الـوَغَى

فَـــــلا أنَـــــا مَـــذْمُــومٌ وَلا أنْـــــتَ نَــــادِمُ

عَـــلــى كُـــــلّ طَـــيّــارٍ إلَــيْــهَـا بــرِجْــلِـهِ

إذا وَقَــعَـتْ فـــي مِـسْـمَـعَيْهِ الـغَـمَـاغِمُ

ألا أيّــهـا الـسّـيفُ الــذي لَـيـسَ مُـغـمَداً

وَلا فـــيــهِ مُـــرْتــابٌ وَلا مـــنْــهُ عَـــاصِــمُ

هَـنـيئاً لـضَـرْبِ الـهَـامِ وَالـمَـجْدِ وَالـعُـلَى

وَرَاجِـــيـــكَ وَالإسْـــــلامِ أنّـــــكَ ســـالِــمُ

وَلِــم لا يَـقـي الـرّحمنُ حـدّيك مـا وَقـى

وَتَـفْـلـيـقُهُ هَــــامَ الــعِــدَى بــــكَ دائِــــمُ

قصيدة: أرق على أرق ومثلي يأرق

أرَقٌ عَـــلـــى أرَقٍ وَمِــثْــلــي يَــــــأرَقُ

وَجَــــــوًى يَـــزيــدُ وَعَـــبْــرَةٌ تَــتَــرَقْـرَقُ

جُــهْـدُ الـصّـبـابَةِ أنْ تــكـونَ كــمـا أُرَى

عَـــيــنٌ مُــسَــهَّـدَةٌ وقَـــلْــبٌ يَــخْـفِـقُ

مَــــــا لاحَ بَــــــرْقٌ أوْ تَـــرَنّـــمَ طـــائِـــرٌ

إلاّ انْــثَـنَـيْـتُ وَلـــــي فُـــــؤادٌ شَـــيّــقُ

جَـرّبْـتُ مِــنْ نَــارِ الـهَـوَى مـا تَـنطَفي

نَـــــارُ الــغَـضَـا وَتَــكِــلُّ عَــمّــا يُــحْــرِقُ

وَعَـذَلْـتُ أهْــلَ الـعِـشْقِ حـتى ذُقْـتُهُ

فـعـجبتُ كـيفَ يَـموتُ مَـن لا يَـعشَقُ

وَعَــذَرْتُـهُـمْ وعَــرَفْــتُ ذَنْــبــي أنّــنـي

عَـيّـرْتُـهُـمْ فَـلَـقـيـتُ فــيــهِ مــــا لَــقُـوا

أبَــنــي أبِــيـنَـا نَــحْــنُ أهْــــلُ مَــنَــازِلٍ

أبَــــداً غُــــرابُ الــبَـيـنِ فــيـهـا يَـنْـعَـقُ

نَـبْـكي عـلـى الـدّنْيا وَمَـا مِـنْ مَـعْشَرٍ

جَـمَـعَـتْـهُـمُ الــدّنْــيـا فَـــلَــمْ يَـتَـفَـرّقُـوا

أيــــنَ الأكــاسِــرَةُ الـجَـبـابِـرَةُ الأُلــــى

كَــنَـزُوا الـكُـنُـوزَ فَــمـا بَـقـيـنَ وَلا بَـقـوا

مــن كـلّ مَـن ضـاقَ الـفَضاءُ بـجيْشِهِ

حــتــى ثَــــوَى فَــحَـواهُ لَــحـدٌ ضَــيّـقُ

خُـــرْسٌ إذا نُـــودوا كـــأنْ لــم يَـعْـلَمُوا

أنّ الـــكَــلامَ لَـــهُــمْ حَــــلالٌ مُــطـلَـقُ

فَــالــمَــوْتُ آتٍ وَالــنُّــفُـوسُ نَــفــائِـسٌ

وَالـمُـسْـتَـعِـزُّ بِــمَــا لَــدَيْــهِ الأحْــمَــقُ

وَالـــمَــرْءُ يـــأمُــلُ وَالــحَــيَـاةُ شَــهِـيّـةٌ

وَالــشّـيْـبُ أوْقَــــرُ وَالـشّـبـيـبَةُ أنْـــزَقُ

وَلَـقَـدْ بَـكَـيْتُ عـلى الـشَّبابِ وَلـمّتي

مُـــسْــوَدّةٌ وَلِـــمَــاءِ وَجْــهــي رَوْنَــــقُ

حَـــــذَراً عَــلَـيْـهِ قَــبــلَ يَــــوْمِ فِــراقِــهِ

حـتـى لَـكِـدْتُ بـمَـاءِ جَـفـني أشــرَقُ

أمّــا بَـنُـو أوْسِ بــنِ مَـعْنِ بـنِ الـرّضَى

فــأعــزُّ مَــــنْ تُــحْــدَى إلــيـهِ الأيْــنُـقُ

كَــبّــرْتُ حَــــوْلَ دِيــارِهِـمْ لــمّـا بَـــدَتْ

منها الشُّموسُ وَليسَ فيها المَشرِقُ

وعَـجِـبتُ مــن أرْضٍ سَـحـابُ أكـفّـهمْ

مــــن فَــوْقِـهـا وَصُــخـورِهـا لا تُــــورِقُ

وَتَــفُــوحُ مــــن طِــيـبِ الـثّـنَـاءِ رَوَائِـــحٌ

لَـــهُــمُ بـــكُــلّ مــكــانَـةٍ تُـسْـتَـنـشَقُ

مِــسْــكِــيّــةُ الــنّــفَــحــاتِ إلاّ أنّــــهَــــا

وَحْـــشِــيّــةٌ بِـــسِــواهُــمُ لا تَــعْــبَــقُ

أمُــريــدَ مِــثْـلِ مُـحَـمّـدٍ فـــي عَـصْـرِنَـا

لا تَــبْــلُـنَـا بِـــطِــلابِ مـــــا لا يُــلْــحَـقُ

لـــم يَـخْـلُـقِ الـرّحْـمـنُ مــثـلَ مُـحَـمّدٍ

أحَــــــداً وَظَـــنّـــي أنّــــــهُ لا يَــخْــلُــقُ

يـــا ذا الـــذي يَــهَـبُ الـكَـثـيرَ وَعِــنْـدَهُ

أنّــــــي عَــلَــيْــهِ بـــأخْـــذِهِ أتَـــصَـــدّقُ

أمْــطِـرْ عَــلـيّ سَــحَـابَ جُـــودِكَ ثَــرّةً

وَانـــظُــرْ إلـــــيّ بــرَحْــمَـةٍ لا أغْـــــرَقُ

كَــــذَبَ ابـــنُ فـاعِـلَـةٍ يَــقُـولُ بـجَـهْـلِهِ

مــــاتَ الــكِــرامُ وَأنْـــتَ حَـــيٌّ تُـــرْزَقُ

قصيدة: إذا غامرت في شرف مروم

إذا غــامـرت فـــي شـــرفِ مُــروِّمِ

فــــلا تــقـنُّـعٌ بِــمــا دون الــنُّـجـومِ

فـطـعـم الـمـوْتِ فــي أمــرِ حـقـيرِ

كـطـعمِ الـمـوْتِ فــي أمــرِ عـظيمِ

ستبكي شجوُها فرسيٌّ ومهريُّ

صـفـائِـح دمـعِـهـا مـــاء الـجُـسـومِ

قــريــن الــنّـارِ ثُـــمّ نــشّـأن فـيـهـا

كـمـا نـشـأ الـعـذارى فـي الـنّعيمِ

وفـــارِقِــنّ الــصّـيـاقِـلِ مُــخـلِـصـاتٍ

وأيْـــديَـــهــا كـــثــيــراتُ الـــكُــلــومِ

يـــرى الـجـبـناءُ أنّ الـعـجـز عــقـل

وتِــلــك خــديـعـةِ الــطّـبـعِ الـلّـئـيمِ

وكُــلّ شـجاعةٍ فـي الـمرءِ تُـغنّي

ولا مِـثـلُ الـشّجاعةِ فـي الـحكيمِ

وكـــم مــن عـائِـبُ قــوْلا صـحـيحا

وآفــتــه مِــــن الــفـهـمِ الـسّـقـيمِ

ولــــكِـــنّ تــــأخُـــذُ الآذانُ مِــــنـــهُ

عــلــى قــــدرِ الــقـرائِـحِ والـعُـلـومِ

قصيدة: بم التعلل لا أهل ولا وطن

بِــــــمَ الــتّـعَـلّـلُ لا أهْـــــلٌ وَلا وَطَـــــنُ

وَلا نَـــديـــمٌ وَلا كــــــأسٌ وَلا سَـــكَـــنُ

أُريـــــدُ مِــــنْ زَمَــنــي ذا أنْ يُـبَـلّـغَـني

مَــا لَـيـسَ يـبْـلُغُهُ مــن نَـفسِهِ الـزّمَنُ

لا تَـــلْــقَ دَهْــــرَكَ إلاّ غَــيــرَ مُــكـتَـرِثٍ

مـــا دامَ يَـصْـحَـبُ فـيـهِ رُوحَــكَ الـبَـدنُ

فَــمَـا يُــديـمُ سُـــرُورٌ مـــا سُــرِرْتَ بِــهِ

وَلا يَـــــرُدّ عَــلَــيـكَ الــفَــائِـتَ الـــحَــزَنُ

مِــمّــا أضَــــرّ بــأهْــلِ الـعِـشْـقِ أنّــهُـمُ

هَــوَوا وَمَــا عَـرَفُـوا الـدّنْـيَا وَمــا فـطِنوا

تَــفـنـى عُـيُـونُـهُـمُ دَمْــعـاً وَأنْـفُـسُـهُمْ

فـــي إثْــرِ كُــلّ قَـبـيحٍ وَجـهُـهُ حَـسَـنُ

تَــحَــمّـلُـوا حَـمَـلَـتْـكُـمْ كـــــلُّ نــاجِــيَـةٍ

فــكُــلُّ بَــيــنٍ عَــلــيّ الــيَـوْمَ مُـؤتَـمَـنُ

مـا فـي هَوَادِجِكم من مُهجتي عِوَضٌ

إنْ مُـــتُّ شَــوْقـاً وَلا فـيـهـا لـهَـا ثَـمَـنُ

يَــا مَــنْ نُـعـيتُ عـلـى بُـعْدٍ بـمَجْلِسِهِ

كُــــلٌّ بــمَــا زَعَــــمَ الـنّـاعـونَ مُـرْتَـهَـنُ

كــمْ قـد قُـتِلتُ وكـم قـد مـتُّ عـندَكُمُ

ثـــمّ انـتَـفَـضْتُ فـــزالَ الـقَـبـرُ وَالـكَـفَنُ

قــد كــانَ شـاهَـدَ دَفـني قَـبلَ قـولهِمِ

جَـمـاعَـةٌ ثــمّ مـاتُـوا قـبـلَ مَــن دَفَـنـوا

مَـــا كـــلُّ مـــا يَـتَـمَـنّى الـمَـرْءُ يُـدْرِكُـهُ

تـجرِي الـرّياحُ بـمَا لا تَشتَهي السّفُنُ

رَأيــتُـكُـم لا يَــصُــونُ الــعِـرْضَ جــارُكـمُ

وَلا يَـــــدِرُّ عـــلــى مَــرْعــاكُـمُ الــلّــبَـنُ

جَـــــزاءُ كُـــــلّ قَــرِيــبٍ مِــنـكُـمُ مَــلَــلٌ

وَحَــــظُّ كُــــلّ مُــحِــبٍّ مــنـكُـمُ ضَــغَـنُ

وَتَـغـضَـبُونَ عــلـى مَـــنْ نَـــالَ رِفْـدَكُـمُ

حــتــى يُـعـاقِـبَـهُ الـتّـنـغـيصُ وَالـمِـنَـنُ

فَــغَــادَرَ الــهَـجْـرُ مـــا بَـيـنـي وَبـيـنَـكُمُ

يَــهـمـاءَ تــكـذِبُ فـيـهـا الـعَـيـنُ وَالأُذُنُ

تَـحْبُو الـرّوَاسِمُ مِـن بَـعدِ الـرّسيمِ بهَا

وَتَـسـألُ الأرْضَ عــن أخـفـافِها الـثَّـفِنُ

إنّــي أُصَـاحِبُ حِـلمي وَهْـوَ بـي كَـرَمٌ

وَلا أُصـاحِـبُ حِـلـمي وَهــوَ بـي جُـبُنُ

وَلا أُقـــيـــمُ عـــلـــى مَـــــالٍ أذِلُّ بِـــــهِ

وَلا ألَــــــذُّ بِـــمَـــا عِـــرْضِــي بِـــــهِ دَرِنُ

سَـهِـرْتُ بَـعـد رَحـيـلي وَحـشَـةً لـكُـمُ

ثــمّ اسـتَـمَرّ مـريري وَارْعَـوَى الـوَسَنُ

وَإنْ بُـــلِــيــتُ بــــــوُدٍّ مِـــثْـــلِ وُدّكُــــــمُ

فـــإنّــنــي بــــفِـــراقٍ مِــثْــلِــهِ قَـــمِـــنُ

أبْــلـى الأجِــلّـةَ مُـهْـري عِـنـدَ غَـيـرِكُمُ

وَبُـــدِّلَ الــعُـذْرُ بـالـفُـسطاطِ وَالــرّسَـنُ

عندَ الهُمامِ أبي المِسكِ الذي غرِقَتْ

فـــي جُـــودِهِ مُـضَـرُ الـحَـمراءِ وَالـيَـمَنُ

وَإنْ تـــأخّــرَ عَـــنّــي بَــعــضُ مَــوْعِــدِهِ

فَــــمَـــا تَـــأخَّـــرُ آمَـــالـــي وَلا تَـــهِـــنُ

هُــــوَ الــوَفــيُّ وَلَــكِـنّـي ذَكَــــرْتُ لَــــهُ

مَــــــوَدّةً فَـــهْـــوَ يَــبْــلُـوهَـا وَيَــمْـتَـحِـنُ

قصيدة: لكل امرئ من دهره ما تعودا

لــكـل امـــرىءٍ مِـــنْ دَهْـــرِهِ مـــا تَــعَـوّدَا

وعـادَةُ سـيفِ الدّوْلةِ الطعنُ في العدى

وَإنْ يُـــكــذِبَ الإرْجـــــافَ عـــنــهُ بــضِــدّهِ

وَيُـمْـسِـي بــمَـا تَـنـوي أعـاديـهِ أسْـعَـدَا

وَرُبّ مُــــريـــدٍ ضَـــــــرَّهُ ضَــــــرَّ نَــفْــسَــهُ

وَهــادٍ إلَـيـهِ الـجـيشَ أهـدى ومـا هَـدى

وَمُـسـتَـكْـبِـرٍ لـــــم يَــعــرِفِ الله ســاعَــةً

رَأى سَــيْــفَـهُ فـــــي كَـــفّــهِ فـتَـشَـهّـدَا

هُــوَ الـبَـحْرُ غُــصْ فـيـهِ إذا كــانَ سـاكناً

عــلـى الـــدُّرّ وَاحـــذَرْهُ إذا كـــان مُــزْبِـدَا

فــإنّــي رَأيــــتُ الــبـحـرَ يَــعـثُـرُ بـالـفـتى

وَهـــذا الـــذي يــأتـي الـفـتـى مُـتَـعَـمِّدَا

تَـــظَــلّ مُـــلُــوكُ الأرْض خــاشــعَـةً لَــــهُ

تُــفــارِقُــهُ هَــلْــكَــى وَتَــلــقـاهُ سُـــجّــدَا

وَتُــحْـيـي لَـــهُ الــمَـالَ الــصّـوَارِمُ وَالـقَـنَـا

وَيَـقْـتُـلُ مـــا تـحـيـي الـتّـبَـسّمُ وَالــجَـدَا

ذَكِـــــــيٌّ تَــظَــنّــيـهِ طَــلــيــعَـةُ عَـــيْــنِــهِ

يَـــرَى قَـلـبُهُ فــي يَـوْمِـهِ مــا تــرَى غَــدَا

وَصُــــولٌ إلــــى الـمُـسْـتَـصْعَباتِ بـخَـيْـلِهِ

فــلَـوْ كـــانَ قَـــرْنُ الـشّـمسِ مــاءً لأوْرَدَا

لــذلـك سَــمّـى ابــنُ الـدُّمُـستُقِ يَـوْمَـهُ

مَــمَــاتـاً وَسَــمّــاهُ الـدُّمُـسـتُـقُ مــوْلِــدَا

سَــرَيْـتَ إلـــى جَـيـحانَ مــن أرْضِ آمِــدٍ

ثَـــلاثــاً، لـــقــد أدنــــاكَ رَكــــضٌ وَأبْــعَــدَا

فَـــوَلّـــى وَأعـــطــاكَ ابْـــنَــهُ وَجُــيُــوشَـهُ

جَـمـيـعـاً وَلـــم يُــعـطِ الـجَـمـيعَ لـيُـحْـمَدَا

عَـــرَضْــتَ لَـــــهُ دونَ الــحَــيـاةِ وَطَـــرْفِــهِ

وَأبـــصَـــرَ سَـــيــفَ الله مـــنــكَ مُـــجَــرَّدَا

وَمــــــا طَــلَــبَـتْ زُرْقُ الأسِـــنّــةِ غَـــيــرَهُ

وَلــكِـنّ قُـسـطَـنطينَ كـــانَ لَـــهُ الـفِـدَى

فــأصْــبَـحَ يَــجْــتـابُ الــمُـسـوحَ مَــخَـافَـةً

وَقـــد كـــانَ يـجـتابُ الــدِّلاصَ الـمُـسرَّدَا

وَيَـمْـشِي بــهِ الـعُـكّازُ فــي الـدّيـرِ تـائِـباً

وَمــا كــانَ يَـرْضَـى مـشيَ أشـقَرَ أجـرَدَا

وَمـــا تـــابَ حــتـى غـــادَرَ الــكَـرُّ وَجْــهَـهُ

جَــريـحـاً وَخَــلّـى جَـفْـنَـهُ الـنّـقـعُ أرْمَـــدَا

فَــلَـوْ كـــانَ يُـنْـجـي مــن عَـلـيٍّ تَـرَهُّـبٌ

تَــرَهّــبَـتِ الأمْـــــلاكُ مَــثْـنَـى وَمَــوْحَــدَا

وكـلُّ امـرىءٍ فـي الـشّرْقِ وَالغَرْبِ بعده

يُــعِــدّ لَــــهُ ثَــوْبـاً مِـــنَ الـشَّـعْـرِ أسْـــوَدَا

هَـنـيـئاً لـــكَ الـعـيـدُ الـــذي أنــتَ عـيـدُهُ

وَعِــيـدٌ لــمَـنْ سَــمّـى وَضَــحّـى وَعَـيّـدَا

وَلا زَالَــــــتِ الأعْـــيــادُ لُــبْــسَـكَ بَـــعْــدَهُ

تُــسَــلِّـمُ مَــخــرُوقـاً وَتُــعْــطَـى مُــجــدَّدَا

فَـذا الـيَوْمُ فـي الأيّـامِ مـثلُكَ فـي الوَرَى

كــمَـا كــنـتَ فـيـهِمْ أوْحــداً كــانَ أوْحَــدَا

هــوَ الـجَـدّ حـتـى تَـفْـضُلُ الـعَـينُ أُخـتَهَا

وَحــتــى يــكــونُ الــيَـوْمُ لـلـيَـوْمِ سَــيّـدَا

فَــيَــا عَـجَـبـاً مِـــنْ دائِـــلٍ أنْـــتَ سَـيـفُـهُ

أمَـــــا يَــتَــوَقّـى شَــفْـرَتَـيْ مَــــا تَــقَـلّـدَا

وَمَــــن يَـجـعَـلِ الـضِـرغـامَ بـــازاً لِـصَـيـدِهِ

تَــصَــيَّــدَهُ الــضِــرغــامُ فــيــمــا تَــصَــيَّـدا

رَأيـتُـكَ مـحْضَ الـحِلْمِ فـي مـحْضِ قُـدرَةٍ

وَلــوْ شـئـتَ كــانَ الـحِـلمُ مـنكَ الـمُهنّدَا

وَمــــا قَــتَــلَ الأحــــرارَ كـالـعَـفـوِ عَــنـهُـمُ

وَمَـــنْ لـــكَ بـالـحُـرّ الــذي يـحـفَظُ الـيَـدَا

إذا أنـــــتَ أكْـــرَمــتَ الــكَــريـمَ مَــلَـكْـتَـهُ

وَإنْ أنْــــــتَ أكْـــرَمــتَ الــلّـئـيـمَ تَـــمَــرّدَا

وَوَضْعُ النّدى في موْضعِ السّيفِ بالعلى

مـضرٌّ كـوضْع الـسيفِ فـي موضع النّدى

وَلــكــنْ تَــفُــوقُ الــنّـاسَ رَأيـــاً وَحِـكـمـةً

كــمــا فُـقـتَـهمْ حـــالاً وَنَـفـسـاً وَمـحْـتِـدَا

يَـــدِقّ عــلـى الأفــكـارِ مـــا أنْــتَ فـاعِـلٌ

فــيُـتـرَكُ مـــا يـخـفَـى وَيُــؤخَـذُ مـــا بَـــدَا

أزِلْ حَــسَــدَ الـحُـسّـادِ عَــنّـي بـكَـبـتِهمْ

فــأنــتَ الـــذي صَـيّـرْتَـهُمْ لـــيَ حُــسّـدَا

إذا شَـــدّ زَنْـــدي حُــسـنُ رَأيـــكَ فـيـهِمُ

ضــرَبْـتُ بـسَـيـفٍ يَـقـطَعُ الـهَـامَ مُـغـمَدَا

وَمَـــــــا أنَــــــا إلاّ سَــمْــهَــرِيٌّ حَــمَــلْـتَـهُ

فـــــزَيّــــنَ مَـــعْـــرُوضــاً وَرَاعَ مُــــسَــــدَّدَا

وَمَـــــا الــدّهْــرُ إلاّ مِــــنْ رُواةِ قَــصـائِـدي

إذا قُـلـتُ شِـعـراً أصْـبَـحَ الـدّهـرُ مُـنشِدَا

فَــسَــارَ بــــهِ مَــــنْ لا يَــسـيـرُ مُـشَـمِّـراً

وَغَـــنّــى بــــهِ مَــــنْ لا يُــغَـنّـي مُــغَــرِّدَا

أجِـــزْنــي إذا أُنْــشِــدْتَ شِــعــراً فــإنّـمَـا

بــشِــعـري أتَـــــاكَ الــمــادِحـونَ مُــــرَدَّدَا

وَدَعْ كـــلّ صَـــوْتٍ غَــيـرَ صَـوْتـي فـإنّـني

أنَـــا الـطّـائِـرُ الـمَـحْكِيُّ وَالآخَــرُ الـصّـدَى

تَـرَكْـتُ الـسُّـرَى خَـلفي لـمَنْ قَـلّ مـالُه

وَأنـعَـلْـتُ أفــراسـي بـنُـعْـماكَ عَـسـجَـدَا

وَقَــيّــدْتُ نَــفْـسِـي فــــي ذَرَاكَ مَــحَـبّـةً

وَمَــــنْ وَجَــــدَ الإحْــســانَ قَــيْـداً تَـقَـيّـدَا

إذا سَـــــألَ الإنْـــسَــانُ أيّــامَــهُ الــغِـنـى

وَكــنــتَ عــلــى بُــعْـدٍ جَـعَـلْـنَكَ مــوْعِـدَا

قصيدة: لهوى النفوس سريرة لا تعلم

لِــهـوَى الـنُّـفـوسُ ســريـرةً لا تـعـلُّمُ

عـرضًـا نـظـرت وخـلـت أنّــيُّ أسـلُـمِ

يا أُختِ مُعتنِقِ الفوارِسِ في الوَغى

لِأُخـــــوِّك ثُـــــمّ أرقٌ مِــنــك وأُرحِّــــمُ

راعــتــك رائِــعـةُ الـبـيـاضِ بِـمُـفـرِّقي

ولـــوِ انــهـا الأوْلـــى لِــراعٍ الأسـحـم

لـوْ كان يُمكِنُني سفرت عنِ الصّبّى

فـالـشّـيْـب مِـــن قــبـل الأوانِ تـلـثّـم

ولــقــدّ رأيْــــتُ الــحـادِثـاتِ فـــلا أرى

يــقـقـا يُــمـيـتُ ولا ســــوادا يـعـصـمُ

والــهــمّ يُــخـتـرمِ الـجـسـيم نـحـافـة

ويُــشـيِّـبُ نـاصـيَـةُ الـصّـبـيِّ ويَــهـرمُ

ذو الـعقلِ يشقى في النّعيمِ بِعقلِهِ

وأخــو الـجُـهّالةِ فـي الـشّقاوَةِ يـنعمُ

والـنّـاس قـد نـبذوا الـحِفاظ فـمُطلق

يـنـسى الّــذي يـولـى وعــافٍ يـندمُ

لا يــخـدعـنّـك مِـــــن عــــدوِّ دمــعِــهِ

واُرحُـــم شـبـابـك مِـــن عــدوِّ تـرحُّـمِ

لا يُـسلِّمُ الـشّرفُ الـرّفيعُ مِن الأذى

حــتّـى يُـــراقُ عـلـى جـوانِـبِهِ الــدّمٍ

يـــؤذي الـقـليل مِــن الـلِّـئامِ بِـطـبعِهِ

مِــــن لا يــقِــلُّ كــمــا يــقُــل ويــلـؤم

والـظُّلم مِـن شيَمِ النُّفوسِ فإن تجِدُ

ذا عِـــــفّــــةٍ فـــلِــعــلّــةٍ لا يُـــظـــلِــمُ

ومِــنِ الـبـليّةِ عــذلٌ مِــن لا يـرعـوي

عــن جـهـلِهِ وخِـطـابٍ مِــن لا يـفهمُ

وجــفــوْنــهُ مــــــا تــســتـقـرِ كــأنّــهـا

مــطــروفـةً أوْ فــــتٌّ فــيـهـا حِــصــرِم

وإذا أشـــــــــار مُـــحـــدثًــا فـــكـــأنّــهُ

قـــــردٌ يُــقـهـقِـهُ أوْ عـــجــوزُ تــلــطِـمُ

يُــقــلـى مُــفــارقـة الأكُــــفِّ قــذالــهُ

حــتّــى يُــكــادُ عــلــى يـــدِ يـتـعـمّمُ

وتـــــراهُ أصـــغــرٌ مــــا تــــراهُ نــاطِـقـا

ويَــكـونُ أكـــذبٍّ مــا يـكـونُ ويُـقـسِّمُ

والـــذُّلُّ يـظـهـرُ فـــي الـذّلـيلِ مــوَدّة

وأوَدُّ مِـــنـــهُ لِـــمــن يـــــودِ الأرقـــــم

ومِــــنِ الــعــداوَةِ مـــا يـنـالـك نـفـعـهُ

ومِــــنِ الــصّـداقـةِ مـــا يــضُـرُّ ويُــؤلِّـمُ

أرسـلـت تـسألُني الـمديحُ سـفاهة

صــفـراء أضــيَـق مِــنـك مـــاذا أزعــم

فـلِـشـدٍّ مــا جــاوَزت قــدرك صـاعِـدًا

ولِــشـدٍّ مـــا قــرِبـت عـلـيْك الأنـجُـمِ

وأرغــت مــا لِأبــي الـعـشائِرِ خـالِصًا

إنّ الــثّــنــاء لِـــمـــن يُـــــزارُ فــيَـنـعـمُ

ولِـمـن أقُـمـتُ عـلـى اُلـهـوانِّ بِـبـابِهِ

تـــدنــو فــيــوجـأ أخــدعــاك وُتــنُـهُـم

ولِــمـن يـهـيَـنّ الــمـالُ وهـــوَ مُـكـرّمُ

ولِــمـن يـجـرِ الـجـيْشُ وهــوَ عـرمـرمُ

ولِــمـن إذا اِلـتـقـتِ الـكـمـاة بِـمـأزِقِ

فـنُـصـيـبُهُ مِــنـهـا الــكـمّـيّ الـمُـعـلِّم

ولِــرُبّــمــا أُطُـــــرِ الــقــنـاةِ بِـــفــارِسِ

وثـــنـــى فــقـوّمـهـا بِـــآخِــرِ مِــنــهُـم

والـــوَجــه أزهــــرُ والــفُــؤادُ مُــشـيِّـع

والــرُّمـح أسـمـرٌ والـحُـسامُ مُـصـمِّم

أفــعــال مـــن تــلِـدُ الــكِـرامُ كـريـمـة

وفــعّـال مـــن تـلِـدُ الأعـاجِـمُ أعـجـم

أحدث أقدم