أجمل شعر غزل جاهلي


عرف العصر الجاهلي بشعرائه المتميزين الذين قالوا الكثير والكثير من قصائد الشعر في الرثاء والمدح والفخر والهجاء والوصف والغزل، حيث كان الغزل فن مطروقاً من جميع الشعراء وكل قصيدة لا بد أن تحتوي على الغزل في المرأة حتى اذا لم يكن الغرض من القصيدة هو الغزل.

والغزل في الآداب كلها، حديث الهوى والحب، وتصوير عواطف الرجل ومشاعره نحو المرأة، التي رأى فيها تمثالًا للجمال الإنساني، وهي في الوقت ذاته نصفه الذي يكمل حياته، وبها يتم ما يتمناه من راحة واستقرار وسعادة، وفي هذا المقال سنذكر لكم أجمل قصائد الغزل الجاهلي.

أجمل شعر الغزل الجاهلي

ومن روائع الشعر الغزلي في الجاهلية، أخترنا لكم التالي:

قصيدة: أمن ال مية رائح أو مغتد


أمن ال مية رائح أو مغتد
عجلان ذا زاد وغير مزود

أفل الترحل غير أن ركابنا
لما تزل برحالنا وكأن قد

زعم البوارح أن رحلتنا غدا
وبذاك خبرنا من الغداف الأسود

لا مرحبا بغد ولا أهلا به
إن كان تفريق الأحبة في غد

حان الرحيل ولم تودع مهددا
والصبح والإمساء منها موعدي

في إثر غانية رمتك بسهمها
فأصاب قلبك غير أن لم تقصد

غنيت بذلك غذ هم لك جيرة
منها بعطف رسالة وتودد

ولقد أصابت قلبه من حبها
عن ظهر مرنان بسهم مصرد

نظرت بمقلة شادن متربب
أحوى أحم المقلتين مقلد

والنظم في سلك يزين نحرها
ذهب توقد كالشهاب الموقد

صفراء كالسيراء أكمل خلقها
كالغصن في غلوائه المتأود

والبطن ذو عكن لطيف طيه
والإتب تنفجه بثدي مقعد

محطوطة المتنين غير مفاضة
ريا الروادف بضة المتجرد

قامت تراءى بين سجفي كلة
كالشمس يوم طلوعها بالأسعد

أو درة صدفية غواصها
بهج متى يرها يهل ويسجد

أو دمية من مرمر مرفوعة
بنيت باجر تشاد وقرمد

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
فتناولته واتقتنا باليد

بمخضب رخص كأن بنانه
عنم على اغصانه لم يعقد

نظرت إليك بحاجة لم تقضها
نظر السقيم إلى وجوه العود

تجلو بقادمتي حمامة أيكة
بردا أسف لثاته بالإثمد

كالأقحوان غداة غب سمائه
جفت أعاليه وأسفله ندي

زعم الهمام بأن فاها بارد
عذب مقبله شهي المورد

زعم الهمام ولم أذقه أنه
عذب غذا ما ذقته قلت ازدد

زعم الهمام ولم أذقه أنه
يشفى بريا ريقها العطش الصدي

أخذ العذارى عقدها فنظمنه
من لؤلؤ متتابع متسرد

لو أنها عرضت لأشمط راهب
عبد الإله صرورة متعبد

لرنا لبهجتها وحسن حديثها
ولخاله رشدا وإن لم يرشد

بتكلم لو تستطيع سماعه
لدنت له أروى الهضاب الصخد

وبفاحم رجل أثيث نيته
كالكرم مال على الدعام المسند

فإذا لمست لمست أجخثم جاثما
متحيزا بمكانه ملء اليد

وإذا طعنت طعنت في مستهدف
رابي المجسة بالعبير مقرمد

وإذا نزعت نزعت عن مستحصف
نزع الحزور بالرشاء المحصد

وإذا يعض تشده أعضاؤه
عض الكبير من الرجال الأدرد

ويكاد ينزع جلد من يصلى به
بلوافح مثل السعير الموقد

لا وارد منها يحور لمصدر
عنها ولا صدر يحور لمورد

قصيدة: برد نسيم الحجاز في السحر


برد نسيم الحجاز في السحر
إذا أتاني بريحه العطر

ألذ عندي مما حوته يدي
من اللالي والمال والبدر

وملك كسرى لا أشتهيه إذا
ما غاب وجه الحبيب عن النظر

سقى الخيام التي نصبن على
شربة الأنس وابل المطر

منازل تطلع البدور بها
مبرقعات بظلمة الشعر

بيض وسمر تحمي مضاربها
أساد غاب بالبيض والسمر

صادت فؤادي منهن جارية
مكحولة المقلتين بالحور

تريك من ثغرها إذا ابتسمت
كاس مدام قد حف بالدرر

أعارت الظبي سحر مقلتها
وبات ليث الشرى على حذر

خود رداح هيفاء فاتنة
تخجل بالحسن بهجة القمر

يا عبل نار الغرام في كبدي
ترمي فؤادي بأسهم الشرر

يا عبل لولا الخيال يطرقني
قضيت ليلي بالنوح والسهر

يا عبل كم فتنة بليت بها
وخضتها بالمهند الذكر

والخيل سود الوجوه كالحة
تخوض بحر الهلاك والخطر

أدافع الحادثات فيك ولا
أطيق دفع القضاء والقدر

قصيدة: أصحوت اليوم أم شاقتك هر


أصحوت اليوم أم شاقتك هر
ومن الحب جنون مستعر

لا يكن حبك داء قاتلا
ليس هذا منك ماوي بحر

كيف أرجو حبها من بعد ما
علق القلب بنصب مستسر

أرق العين خيال لم يقر
طاف والركب بصحراء يسر

جازت البيد إلى أرحلنا
اخر الليل بيعفور خدر

ثم زارتني وصحبي هجع
في خليط بين برد ونمر

تخلس الطرف بعيني برغز
وبخدي رشإ ادم غر

ولها كشحا مهاة مطفل
تقتري بالرمل أفنان الزهر

وعلى المتنين منها وارد
حسن النبت أثيت مسبطر

جابة المدرى لها ذو جدة
تنفض الضال وأفنان السمر

بين أكناف خفاف فاللوى
مخرف تحنو لرخص الظلف حر

تحسب الطرف عليها نجدة
يا لقومي للشباب المسبكر!

حيث ما قاظوا بنجد وشتوا
حول ذات الحاذ من ثنيي وقر

فله منها على أحيانها
صفوة الراح بملذوذ خصر

إن تنوله فقد تمنعه
وتريه النجم يجري بالظهر

ظل في عسكرة من حبها
ونأت شحط مزار المدكر

فلئن شطت نواها مرة
لعلى عهد حبيب معتكر

بادن تجلو إذا ما ابتسمت
عن شتيت كأقاح الرمل غر

بدلته الشمس من منبته
بردا أبيض مصقول الأشر

وإذا تضحك تبدي حببا
كرضاب المسك بالماء الخصر

صادفته حرجف في تلعة
فسجا وسط بلاط مسبطر

وإذا قامت تداعى قاصف
مال من أعلى كثيب منقعر

تطرد القر بحر صادق
وعكيك القيظ إن جاء بقر

لا تلمني إنها من نسوة
رقد الصيف مقاليت نزر

كبنات المخر يمأدن كما
أنبت الصيف عساليج الخضر

فجعوني يوم زموا عيرهم
برخيم الصوت ملثوم عطر

قصيدة: أطلالُ سلمى


ألا عم صباحا أيها الطلل البالي
وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وهل يعمن إلا سعيد مخلد
قليل الهموم ما يبيت بأوجال

وهل يعمن من كان أحدث عهده
ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال

ديار لسلمى عافيات بذي خال
ألح عليها كل أسحم هطال

وتحسب سلمى لا تزال ترى طلا
من الوحش أو بيضا بميثاء محلال

وتحسب سلمى لا تزال كعهدنا
بوادي الخزامى أو على رس أوعال

ليالي سلمى إذ تريك منصبا
وجيدا كجيد الرئم ليس بمعطال

ألا زعمت بسباسة اليوم أنني
كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي

كذبت لقد أصبي على المرء عرسه
وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي

ويا رب يوم قد لهوت وليلة
بانسة كأنها خط تمثال

يضيء الفراش وجهها لضجيعها
كمصباح زيت في قناديل ذبال

كأن على لباتها جمر مصطل
أصاب غضا جزلا وكف بأجزال

وهبت له ريح بمختلف الصوا
صبا وشمال في منازل قفال

ومثلك بيضاء العوارض طفلة
لعوب تنسيني إذا قمت سربالي

إذا ما الضجيع ابتزها من ثيابها
تميل عليه هونة غير مجبال

كحقف النقا يمشي الوليدان فوقه
بما احتسبا من لين مس وتسهال

لطيفة طي الكشح غير مفاضة
إذا انفتلت مرتجة غير مثقال

تنورتها من أذرعات وأهلها
بيثرب أدنى دارها نظر عال

نظرت إليها والنجوم كأنها
مصابيح رهبان تشب لفقال

سموت إليها بعدما نام أهلها
سمو حباب الماء حالا على حال

فقالت سباك الله إنك فاضحي
ألست ترى السمار والناس أحوالي

فقلت: يمين الله أبرح قاعدا
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

حلفت لها بالله حلفة فاجر
لناموا فما إن من حديث ولا صال

فلما تنازعنا الحديث وأسمحت
هصرت بغصن ذي شماريخ ميال

وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا
ورضت فذلت صعبة أي إذلال

فأصبحت معشوقا وأصبح بعلها
عليه القتام سيئ الظن والبال

يغط غطيط البكر شد خناقه
ليقتلني والمرء ليس بقتال

أيقتلني والمشرفي مضاجعي
ومسنونة زرق كأنياب أغوال

وليس بذي رمح فيطعنني به
وليس بذي سيف وليس بنبال

أيقتلني أني شغفت فؤادها
كما شغف المهنوءة الرجل الطالي

وقد علمت سلمى وإن كان بعلها
بأن الفتى يهذي وليس بفعال

وماذا عليه أن ذكرت أوانسا
كغزلان رمل في محاريب أقيال

وبيت عذارى يوم دجن ولجته
يطفن بحباء المرافق مكسال

سباط البنان والعرانين والقنا
لطاف الخصور في تمام وإكمال

نواعم يتبعن الهوى سبل الردى
يقلن لأهل الحلم ضل بتضلال

صرفت الهوى عنهن من خشية الردى
ولست بمقلي الخلال ولا قال

كأني لم أركب جوادا للذة
ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال

ولم أسبإ الزق الروي ولم أقل
لخيلي: كري كرة بعد إجفال

ولم أشهد الخيل المغيرة بالضحى
على هيكل عبل الجزارة جوال

سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا
له حجبات مشرفات على الفالي

وصم صلاب ما يقين من الوجى
كأن مكان الردف منه على رال

وقد أغتدي والطير في وكناتها
لغيث من الوسمي رائده خال

تحاماه أطراف الرماح تحاميا
وجاد عليه كل أسحم هطال

بعجلزة قد أترز الجري لحمها
كميت كأنها هراوة منوال

ذعرت بها سربا نقيا جلوده
وأكرعه وشي البرود من الخال

كأن الصوار إذ تجهد عدوه
على جمزى خيل تجول بأجلال

فجال الصوار واتقين بقرهب
طويل القرا والروق أخنس ذيال

فعادى عداء بين ثور ونعجة
وكان عداء الوحش مني على بال

كأني بفتخاء الجناحين لقوة
صيود من العقبان طأطأت شملالي

تخطف خزان الشربة بالضحى
وقد حجرت منها ثعالب أورال

كأن قلوب الطير رطبا ويابسا
لدي وكرها العناب والحشف البالي

فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني ولم أطلب قليل من المال

ولكنما أسعى لمجد مؤثل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي

وما المرء مادامت حشاشة نفسه
بمدرك أطراف الخطوب ولا الي

قصيدة: ألا أم عمرو أجمعت فاستقلت

  • الشنفرى

ألا أم عمرو أجمعت فاستقلت
وما ودعت جيرانها إذ تولت

وقد سبقتنا أم عمرو بأمرها
وكانت بأعناق المطي أظلت

بعيني ما أمست فباتت فأصبحت
فقضت أمورا فاستقلت فولت

فوا كبدا على أميمة بعدما
طمعت فهبها نعمة العيش زلت

فيا جارتي وأنت غير مليمة
إذا ذكرت ولا بذات تقلت

لقد أعجبتني لا سقوطا قناعها
إذا مشت ولا بذات تلفت

تبيت بعيد النوم تهدي غبوقها
لجارتها إذا الهدية قلت

تحل بمنجاة من اللوم بيتها
إذا ما بيوت بالمذمة حلت

كأن لها في الأرض نسيا تقصه
على أمها وإن تكلمك تبلت

أميمة لا يخزي نثاها حليلها
إذا ذكر النسوان عفت وجلت

إذا هو أمسى اب قرة عينه
ماب السعيد لم يسل أين ظلت

فدقت وجلت واسبكرت وأكملت
فلو جن إنسان من الحسن جنت

قصيدة: صحا القلب عن سلمى


صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو
وأقفر من سلمى التعانيق فالثقل

وقد كنت من سلمى سنين ثمانيا
على صير أمر ما يمر وما يحلو

وكنت إذا ما جئت يوما لحاجة
مضت وأجمت حاجة الغد ما تخلو

وكل محب أعقب النأي لبه
سلو فؤاد غير لبك ما يسلو

تأوبي ذكر الأحبة بعدما
هجعت ودوني قلة الحزن فالرمل

فأقسمت جهدا بالمنازل من منى
وما سحفت فيه المقاديم والقمل

لأرتحلن بالفجر ثم لأدأبن
إلى الليل إلا أن يعرجني طفل

إلى معشر لم يورث اللؤم جدهم
أصاغرهم وكل فحل له نجل

تربص فإن تقو المروراة منهم
وداراتها لا تقو منهم إذا نخل

وما يك من خير أتوه فإنما
وجزع الحسا منهم إذا قل ما يخلو

بلاد بها نادمتهم وألفتهم
فإن تقويا منهم فإنهما بسل

إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم
طوال الرماح لا قصار لا عزل

بخيل عليها جنة عبقرية
جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا

وإن يقتلوا فيشتفى بدمائهم
وكانوا قديما من مناياهم القتل

عليها أسود ضاريات لبوسهم
سوابغ بيض لا يخرقها النبل

إذا لقحت حرب عوان مضرة
ضروس تهر الناس أنيابها عصل

قضاعية أو أختها مضرية
يحرق في حافاتها الحطب الجزل

تجدهم على ما خيلت هم إزاءها
وإن أفسد المال الجماعات والأزل

يحشونها بالمشرفية والقنا
وفتيان صدق لا ضعاف ولا نكل

تهامون نجديون كيدا ونجعة
لكل أناس من وقائعهم سجل

هم ضربوا عن فرجها بكتيبة
كبيضاء حرس في طوائفها الرجل

متى يشتجر قوم تقل سرواتهم
هم بيننا فهم رضى وهم عدل

هم جددوا أحكام كل مضلة
من العقم لا يلفى لأمثالها فصل

بعزمة مأمور مطيع وامر
مطاع فلا يلفى لحزمهم مثل

ولست بلاق بالحجاز مجاورا
ولا سفرا إلا له منهم حبل

بلاد بها عزوا معدا وغيرها
مشاربها عذب وأعلامها ثمل

وهم خير حي من معد علمتهم
لهم نائل في قومهم ولهم فضل

فرحت بما خبرت عن سيديكم
وكانا امرأين كل شأنهما يعلو

رأى الله بالإحسان ما فعلا بكم
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو

تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها
وذبيان قد زلت بأقدامها النعل

فأصبحتما منها على خير موطن
سبيلكما فيه وإن أحزنوا سهل

إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت
ونال كرام المال في الجحرة الأكل

رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم
قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل

هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا
وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا

وفيهم مقامات حسان وجوهها
وأندية ينتابها القول والفعل

وإن جئتهم ألفيت حول بيوتهم
مجالس قد يشفى بأحلامها الجهل

وإن قام فيهم حامل قال قاعد
رشدت فلا غرم عليك ولا خذل

على مكثريهم حق من يعتريهم
وعند المقلين السماحة والبذل

سعى بعدهم قوم لكي يدركوهم
فلم يفعلوا ولم يليموا ولم يألوا

فما كان من خير أتوه فإنما
توارثهم اباء ابائهم قبل

هل ينبت الخطي إلا وشيجه
وتغرس إلا في منابتها النخل

قصيدة: إذا ذكرت ليلى أسر بذكرها

  • قيس بن الملوح

إذا ذكرت ليلى أسر بذكرها
كما انتفض العصفور من بلل القطر

فقال جميع الناس لما نشدتها
بلى وفريق قال والله ما ندري

تداويت من ليلى بليلى عن الهوى
كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

ألا زعمت ليلى بأن لا أحبها
بلى والليالي العشر والشفع والوتر

بلى والذي لا يعلم الغيب غيره
بقدرته تجري السفائن في البحر

بلى والذي نادى من الطور عبده
وعظم أيام الذبيحة والنحر

لقد فضلت ليلى على الناس مثل ما
على ألف شهر فضلت ليلة القدر
أحدث أقدم