لمصر أم لربوع الشأم تنتسب، هنا العلا وهناك المجد والحسب – حافظ ابراهيم

نص قصيدة: لمصر أم لربوع الشأم تنتسب

ولـد الشاعر حافظ إبراهيم في 24 فبراير/شباط 1872م بمحافظة أسيوط وتوفي في 21 يونيو/حزيران 1932م، بالعاصمة المصرية، هو شاعر مصري ذائع الصيت لقب بشاعر النيل وشاعر الشعب، عاصر أحمد شوقي ويعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء بكى في شعره أم أضحك، وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حدث هام يعرض، فيخلق منه موضوعاً لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره، وفي هذا المقال وضعنا لكم قصيدته لمصر أم لربوع الشأم تنتسب.

نص قصيدة: لمصر أم لربوع الشأم تنتسب

لمصر أم لربوع الشأم تنتسب
هنا العلا وهناك المجد والحسب

ركنان للشرق لا زالت ربوعهما
قلب الهلال عليها خافق يجب

خدران للضاد لم تهتك ستورهما
ولا تحول عن مغناهما الأدب

أم اللغات غداة الفخر أمهما
وإن سألت عن الاباء فالعرب

أيرغبان عن الحسنى وبينهما
في رائعات المعالي ذلك النسب

ولا يمتان بالقربى وبينهما
تلك القرابة لم يقطع لها سبب

إذا ألمت بوادي النيل نازلة
باتت لها راسيات الشأم تضطرب

وإن دعا في ثري الأهرام ذو ألم
أجابه في ذرا لبنان منتحب

لو أخلص النيل والأردن ودهما
تصافحت منهما الأمواه والعشب

بالواديين تمشى الفخر مشيته
يحف ناحيتيه الجود والدأب

فسال هذا سخاء دونه ديم
وسال هذا مضاء دونه القضب

نسيم لبنان كم جادتك عاطرة
من الرياض وكم حياك منسكب

في الشرق والغرب أنفاس مسعرة
تهفو إليك وأكباد بها لهب

لولا طلاب العلا لم يبتغوا بدلا
من طيب رياك لكن العلا تعب

كم غادة بربوع الشأم باكية
على أليف لها يرمي به الطلب

يمضي ولا حيلة إلا عزيمته
وينثني وحلاه المجد والذهب

يكر صرف الليالي عنه منقلبا
وعزمه ليس يدري كيف ينقلب

بأرض كولمب أبطال غطارفة
أسد جياع إذا ما ووثبوا وثبوا

لم يحمهم علم فيها ولا عدد
سوى مضاء تحامى ورده النوب

أسطولهم أمل في البحر مرتحل
وجيشهم عمل في البر مغترب

لهم بكل خضم مسرب نهج
وفي ذرا كل طود مسلك عجب

لم تبد بارقة في أفق منتجع
إلا وكان لها بالشام مرتقب

ما عابهم انهم في الأرض قد نثروا
فالشهب منثورة مذ كانت الشهب

ولم يضرهم سراء في مناكبها
فكل حي له في الكون مضطرب

رادوا المناهل في الدنيا ولو وجدوا
إلى المجرة ركبا صاعدا ركبوا

أو قيل في الشمس للراجين منتجع
مدوا لها سببا في الجو وانتدبوا

سعوا إلى الكسب محمودا وما فتئت
أم اللغات بذاك السعي تكتسب

فأين كان الشاميون كان لها
عيش جديد وفضل ليس يحتجب

هذي يدي عن بني مصر تصافحكم
فصافحوها تصافح نفسها العرب

فما الكنانة إلا الشام عاج على
ربوعها من بنيها سادة نجب

لولا رجال تغالوا في سياستهم
منا ومنهم لما لمنا ولا عتبوا

إن يكتبوا لي ذنبا في مودتهم
فإنما الفخر في الذنب الذي كتبوا

قصيدة لمصر أم لربوع الشام تنتسب - بصوت محمد ماهر

أحدث أقدم