أجمل قصائد أبو العتاهية

في ما يلي، جمعنا لكم مجموعة من أجمل أشعار إسماعيل أبو العتاهية

أبو العتاهية، هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، ولد في مدينة عين التمر في العراق سنة 130 هـ الموافق 747م، ثم أنتقل إلى مدينة بغداد، كان بائعا للجرار، مال إلى العلم والأدب ونظم الشعر حتى نبغ فيه، في شعره إبداع، يعد من طبقة بشار بن برد وأبي نواس، وكان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره، وفي هذا المقال جمعنا لكم أجمل قصائده.

أجمل قصائد أبو العتاهية

في ما يلي، جمعنا لكم مجموعة من أجمل أشعار إسماعيل أبو العتاهية:

بكيت على الشباب بدمع عيني

بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النحيب

فيا أسفا أسفت على شباب
نعاه الشيب والرأس الخضيب

عريت من الشباب وكنت غضا
كما يعرى من الورق القضيب

فيا ليت الشباب يعود يوما
فأخبره بما فعل المشيب

لعمرك ما الدنيا بدار بقاء

لعمرك ما الدنيا بدار بقاء
كفاك بدار الموت دار فناء

فلا تعشق الدنيا أخي، فإنما
يرى عاشق الدنيا بجهد بلاء

حلاوتها ممزوجة بمرارة
وراحتها ممزوجة بعناء

فلا تمش يوما في ثياب مخيلة
فإنك من طين خلقت وماء

لقل امرؤ تلقاه لله شاكرا
وقل امرؤ يرضى له بقضاء

ولله نعماء علينا عظيمة
ولله إحسان وفضل عطاء

وما الدهر يوما واحدا في اختلافه
وما كل أيام الفتى بسواء

وما هو إلا يوم بؤس وشدة
ويوم سرور مرة ورخاء

وما كل ما لم أرج أحرم نفعه
وما كل ما أرجوه أهل رجاء

أيا عجبا للدهر لا بل لريبه
يخرم ريب الدهر كل إخاء

وشتت ريب الدهر كل جماعة
وكدر ريب الدهر كل صفاء

إذا ما خليلي حل في برزخ البلى
فحسبي به نأيا وبعد لقاء

أزور قبور المترفين فلا أرى
بهاء وكانوا قبل أهل بهاء

وكل زمان واصل بصريمة
وكل زمان ملطف بجفاء

يعز دفاع الموت عن كل حيلة
ويعيا بداء الموت كل دواء

ونفس الفتى مسرورة بنمائها
وللنقص تنمو كل ذات نماء

وكم من مفدى مات لم ير أهله
حبوه ولا جادوا له بفداء

أمامك يا نومان دار سعادة
يدوم البقا فيها ودار شقاء

خلقت لإحدى الغايتين فلا تنم
وكن بين خوف منهما ورجاء

وفي الناس شر لو بدا ما تعاشروا
ولكن كساه الله ثوب غطاء

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما يخفى عليه يغيب

لهونا لعمر الله حتى تتابعت
ذنوب على اثارهن ذنوب

فيا ليت أن الله يغفر ما مضى
ويأذن في توباتنا فنتوب

إذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم
وخلفت في قرن فأنت غريب

وإن أمرءا قد سار خمسين حجة
إلى منهل من ورده لقريب

نسيبك من ناجاك بالود قلبه
وليس لمن تحت التراب نسيب

فأحسن جزاء ما اجتهدت فإنما
بقرضك تجزى والقروض ضروب

أشد الجهاد جهاد الهوى

أشد الجهاد جهاد الهوى
وما كرم المرء إلا التقى

وأخلاق ذي الفضل معروفة
ببذل الجميل وكف الأذى

وكل الفكاهات مملولة
وطول التعاشر فيه القلى

وكل طريف له لذة
وكل تليد سريع البلى

ولا شيء إلا له افة
ولا شيء إلا له منتهى

وليس الغنى نشب في يد
ولكن غنى النفس كل الغنى

وإنا لفي صنع ظاهر
يدل على صانع لا يرى

لدوا للموت وابنوا للخراب

لدوا للموت وابنوا للخراب
فكلكم يصير إلى تباب

لمن نبني ونحن إلى تراب
نصير كما خلقنا من تراب

ألا يا موت لم أر منك بدا
أتيت وما تحيف وما تحابي

كأنك قد هجمت على مشيبي
كما هجم المشيب على شبابي

أيا دنياي ما لي لا أراني
أسومك منزلا ألا نبا بي

ألا وأراك تبذل يا زماني
لي الدنيا وتسرع باستلابي

وإنك يا زمان لذو صروف
وإنك يا زمان لذو انقلاب

فما لي لست أحلب منك شطرا
فأحمد منك عاقبة الحلاب

وما لي لا ألح عليك إلا
بعثت الهم لي من كل باب

أراك وإن طلبت بكل وجه
كحلم النوم أو ظل السحاب

أو الأمس الذي ولى ذهابا
وليس يعود، أو لمع السراب

وهذا الخلق منك على وفاء
وارجلهم جميعا في الركاب

وموعد كل ذي عمل وسعي
بما أسدى غدا دار الثواب

تقلدت العظام من البرايا
كأني قد أمنت من العقاب

ومهما دمت في الدنيا حريصا
فإني لا أفيق إلى الصواب

سأسأل عن أمور كنت فيها
فما عذري هناك وما جوابي

بأية حجة أحتج يوم الحساب
إذا دعيت إلى الحساب

هما أمران يوضح عنهما لي
كتابي حين أنظر في كتابي

فإما أن أخلد في نعيم
وإما أن أخلد في عذابي

طول التعاشر بين الناس مملول

طول التعاشر بين الناس مملول
ما لابن ادم إن فتشت معقول

للمرء ألوان دنيا رغبة وهوى
وعقله أبدا ما عاش مدخول

يا راعي النفس لا تغفل رعايتها
فأنت عن كل ما استرعيت مسؤول

خذ ما عرفت ودع ما أنت جاهله
للأمر وجهان معروف ومجهول

واحذر فلست من الأيام منفلتا
حتى يغولك من أيامك الغول

والدائرات بريب الدهر دائرة
والمرء عن نفسه ما عاش مختول

لن تستتم جميلا أنت فاعله
إلا وأنت طليق الوجه بهلول

ما أوسع الخير فابسط راحتيك به
وكن كأنك عند الشر مغلول

الحمد لله في اجالنا قصر
نبغي البقاء وفي امالنا طول

نعوذ بالله من خذلانه أبدا
فإنما الناس معصوم ومخذول

إني لفي منزل ما زلت أعمره
على يقيني بأني عنه منقول

وأن رحلي وإن أوثقته لعلى
مطية من مطايا الحين محمول

ولو تأهبت والأنفاس في مهل
والخير بيني وبين العيش مقبول

وادي الحياة محل لا مقام به
لنازليه ووادي الموت محلول

والدار دار أباطيل مشبهة
الجد مر بها والهزل معسول

وليس من موضع يأتيه ذو نفس
إلا وللموت سيف فيه مسلول

لم يشغل الموت عنا مذ أعد لنا
وكلنا عنه باللذات مشغول

ومن يمت فهو مقطوع ومجتنب
والحي ما عاش مغشي وموصول

كل ما بدا لك فالاكال فانية
وكل ذي أكل لا بد مأكول

وكل شيء من الدنيا فمنتقض
وكل عيش من الدنيا فمملول

سبحان من أرضه للخلق مائدة
كل يوافيه رزق منه مكفول

غدى الأنام وعشاهم فأوسعهم
وفضله لبغاة الخير مبذول

يا طالب الخير ابشر واستعد له
فالخير أجمع عند الله مأمول

عش ما بدا لك سالما

عش ما بدا لك سالما
في ظل شاهقة القصور

يسعى عليك بما اشتهيت
لدى الرواح أو البكور

فإذا النفوس تقعقعت
في ظل حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقنا،
ما كنت إلا في غرور

ألا لله أنت متى تتوب

ألا لله أنت متى تتوب
وقد صبغت ذوائبك الخطوب

كأنك لست تعلم أي حث
يحث بك الشروق كما الغروب

ألست تراك كل صباح يوم
تقابل وجه نائبة تنوب

لعمرك ما تهب الريح إلا
نعاك مصرحا ذاك الهبوب

ألا لله أنت فتى وكهلا
تلوح على مفارقك الذنوب

هو الموت الذي لا بد منه
فلا يلعب بك الأمل الكذوب

وكيف تريد أن تدعى حكيما
وأنت لكل ما تهوى ركوب

وتصبح ضاحكا ظهرا لبطن
وتذكر ما اجترمت فما تتوب

أراك تغيب ثم تؤوب يوما
وتوشك أن تغيب ولا تؤوب

أتطلب صاحبا لا عيب فيه
وأي الناس ليس له عيوب

رأيت الناس صاحبهم قليل
وهم والله محمود ضروب

ولست مسميا بشرا وهوبا
ولكن الإله هو الوهوب

تحاشى ربنا عن كل نقص
وحاشا سائليه بأن يخيبوا

يا نفس أين أبي وأين أبو أبي

يا نفس أين أبي وأين أبو أبي
وأبوه عدي لا أبا لك واحسبي

عدي فإني قد نظرت فلم أجد
بيني وبين أبيك ادم من أب

أفأنت ترجين السلامة بعدهم
هلا هديت لسمت وجه المطلب

قد مات ما بين الجنين إلى الرضيع
إلى الفطيم إلى الكبير الأشيب

فإلى متى هذا أراني لاعبا
وأرى المنية إن أتت لم تلعب

الموت باب وكل الناس داخله

الموت باب وكل الناس داخله
يا ليت شعري بعد الباب ما الدار

الدار جنة خلد إن عملت بما
يرضي الإله وإن قصرت فالنار

هما محلان ما للناس غيرهما
فانظر لنفسك ماذا أنت تختار

أذل الحرص والطمع الرقابا

أذل الحرص والطمع الرقابا
وقد يعفو الكريم إذا استرابا

إذا اتضح الصواب فلا تدعه
فإنك قلما ذقت الصوابا

وجدت له على اللهوات بردا
كبرد الماء حين صفا وطابا

وليس بحاكم من لا يبالي
أأخطأ في الحكومة أم أصابا

وإن لكل تلخيص لوجها
وإن لكل مسألة جوابا

وإن لكل حادثة لوقتا
وإن لكل ذي عمل حسابا

وإن لكل مطلع لحدا
وإن لكل ذي أجل كتابا

وكل سلامة تعد المنايا
وكل عمارة تعد الخرابا

وكل مملك سيصير يوما
وما ملكت يداه معا ترابا

أبت طرفات كل قرير عين
بها إلا اضطرابا وانقلابا

كأن محاسن الدنيا سراب
وأي يد تناولت السرابا

وإن يك منية عجلت بشيء
تسر به فإن لها ذهابا

فيا عجبا تموت وأنت تبني
وتتخذ المصانع والقبابا

أراك وكلما فتحت بابا
من الدنيا فتحت عليك نابا

ألم تر أن غدوة كل يوم
تزيدك من منيتك اقترابا

وحق لموقن بالموت أن لا
يسوغه الطعام ولا الشرابا

يدبر ما ترى ملك عزيز
به شهدت حوادثه رغابا

أليس الله في كل قريبا
بلى من حيث ما نودي أجابا

ولم تر سائلا لله أكدى
ولم تر راجيا لله خابا

رأيت الروح جدب العيش لما
عرفت العيش مخضا، واحتلابا

ولست بغالب الشهوات حتى
تعد لهن صبرا واحتسابا

فكل مصيبة عظمت وجلت
تخف إذا رجوت لها ثوابا

كبرنا أيها الأتراب حتى
كأنا لم نكن حينا شبابا

وكنا كالغصون إذا تثنت
من الريحان مونعة رطابا

إلى كم طول صبوتنا بدار
رأيت لها اغتصابا واستلابا

ألا ما للكهول وللتصابي
إذا ما اغتر مكتهل تصابى

فزعت إلى خضاب الشيب مني
وإن نصوله فضح الخضابا

مضى عني الشباب بغير رد
فعند الله احتسب الشبابا

وما من غاية إلا المنايا
لمن خلقت شبيبته وشابا

طلبتك يا دنيا فأعذرت في الطلب

طلبتك يا دنيا فأعذرت في الطلب
فما نلت إلا الهم والغم والنصب

فلما بدا لي أنني لست واصلا
إلى لذة إلا بأضعافها تعب

وأسرعت في ديني ولم أقض بغيتي
هربت بديني منك إن نفع الهرب

تخليت مما فيك جهدي وطاقتي
كما يتخلى القوم من عرة الجرب

فما تم لي يوما إلى الليل منظر
أسر به لم يعترض دونه شغب

وإني لممن خيب الله سعيه
إذا كنت أرعى لقحة مرة الحلب

أرى لك أن لا تستطيب لخلة
كأنك فيها قد أمنت من العطب

ألم ترها دار افتراق وفجعة
إذا ذهب الإنسان فيها فقد ذهب

أقلب طرفي مرة بعد مرة
لأعلم ما في النفس والقلب ينقلب

وسربلت أخلاقي قنوعا وعفة
فعندي بأخلاقي كنوز من الذهب

فلم أر خلقا كالقنوع لأهله
وأن يجمل الإنسان ما عاش في الطلب

ولم أر فضلا تم إلا بشيمة
ولم أر عقلا صح إلا على أدب

ولم أر في الأعداء حين خبرتهم
عدوا لعقل المرء أعدى من الغضب

ولم أر بين اليسر والعسر خلطة
ولم أر بين الحي والميت من سبب

عليكم سلام الله إني مودع

عليكم سلام الله إني مودع
وعيناي من مض التفرق تدمع

فإن نحن عشنا يجمع الله بيننا
وإن نحن متنا فالقيامة تجمع

ألم تر ريب الدهر في كل ساعة
له عارض فيه المنية تلمع

أيا باني الدنيا لغيرك تبتني
ويا جامع الدنيا لغيرك تجمع

أرى المرء وثابا على كل فرصة
وللمرء يوما لا محالة مصرع

تبارك من لا يملك الملك غيره
متى تنقضي حاجات من ليس يشبع

أي امرىء في غاية ليس نفسه
إلى غاية أخرى سواها تطلع
أحدث أقدم