قذى بعينك ام بالعين عوار – رثاء الخنساء لأخيها صخر

قصيدة: قذى بعينك ام بالعين عوار

الخنساء، هي تماضر بنت عمرو السلمية، صحابية وشاعرة مخضرمة من أهل نجد أدركت الجاهلية والإسلام وأسلمت، واشتهرت برثائها لأخويها صخر ومعاوية اللذين قتلا في الجاهلية، لقبت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها، وفي هذا المقال وضعنا لكم أجمل قصائد الخنساء.

قصيدة: قذى بعينك ام بالعين عوار

قذى بعينك ام بالعين عوار
ام ذرفت اذ خلت من اهلها الدار

كأن عيني لذكراه إذا خطرت
فيض يسيل على الخدين مدرار

تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهت
ودونه من جديد الترب استار

تبكي خناس فما تنفك ما عمرت
لها عليه رنين وهي مفتار

تبكي خناس على صخر وحق لها
اذ رابها الدهر ان الدهر ضرار

لا بد من ميتة في صرفها عبر
والدهر في صرفه حول واطوار

قد كان فيكم ابو عمرو يسودكم
نعم المعمم للداعين نصار

صلب النحيزة  وهاب اذا منعوا
وفي الحروب جريء الصدر مهصار

يا صخر وراد ماء قد تناذره
أهل الموارد ما في ورده عار

مشى السبنتى إلى هيجاء معضلة
له سلاحان أنياب وأظفار

وما عجول على بو تطيف به
لها حنينان إعلان وإسرار

ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت
فإنما هي اقبال وادبار

لا تسمن الدهر في ارض وان رتعت
فإنما هي تحنان وتسجار

يوما بأوجد مني يوم فارقني
صخر وللدهر احلاء وامرار

وإن صخرا لوالينا وسيدنا
وإن صخرا إذا نشتو لنحار

وإن صخرا لمقدام إذا ركبوا
وإن صخرا إذا جاعوا لعقار

وإن صخرا لتأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار

جلد جميل المحيا كامل ورع
وللحروب غداة الروع مسعار

حمال ألوية هباط أودية
شهاد أندية للجيش جرار

نحار راغية ملجاء طاغية
فكاك عانية للعظم جبار

فقلت لما رأيت الدهر ليس له
معاتب وحده يسدي ونيار

لقد نعى ابن نهيك لي اخا ثقة
كانت ترجم عنه قبل اخبار

فبت ساهرة للنجم ارقبه
حتى أتى دون غور النجم أستار

لم تره جارة يمشي بساحتها
لريبة حين يخلي بيته الجار

ولا تراه وما في البيت يأكله
لكنه بارز بالصحن مهمار

ومطعم القوم شحما عند مسغبهم
وفي الجدوب كريم الجد ميسار

قد كان خالصتي من كل ذي نسب
فقد اصيب فما للعيش اوطار

مثل الرديني لم تنفد شبيبته
كأنه تحت طي البرد أسوار

جهم المحيا تضيء الليل صورته
اباؤه من طوال السمك أحرار

مورث المجد ميمون نقيبته
ضخم الدسيعة في العزاء مغوار

فرع لفرع كريم غير مؤتشب
جلد المريرة عند الجمع فخار

في جوف لحد مقيم قد تضمنه
في رمسه مقمطرات واحجار

طلق اليدين لفعل الخير ذو فجر
ضخم الدسيعة بالخيرات أمار

ليبكه مقتر أفنى حريبته
دهر وحالفه بؤس وإقتار

ورفقة حار حاديهم بمهلكة
كأن ظلمتها في الطخية القار

لا يمنع القوم إن سالوه خلعته
ولا يجاوزه بالليل مرار


قصائد أخرى للخنساء

قصيدة: أعيني جودا ولا تجمدا

أعيني جودا ولا تجمدا
ألا تبكيان لصخر الندى؟

ألا تبكيان الجريء الجميل
ألا تبكيان الفتى السيدا؟

إذا القوم مدوا بأيديهم
إلى المجد مد إليه يدا

فنال الذي فوق أيديهم
من المجد ثم مضى مصعدا

يكلفه القوم ما عالهم
وإن كان أصغرهم مولدا

طويل النجاد رفيع العماد
قد ساد عشيرته أمردا

ترى المجد يهوي الى بيته
يرى افضل الكسب ان يحمدا

وان ذكر المجد الفيته
تأزر بالمجد ثم ارتدى

قصيدة: يؤرقني التذكر حين أمسي

يؤرقني التذكر حين أمسي
فأصبح قد بليت بفرط نكس

على صخر وأي فتى كصخر
ليوم كريهة وطعان حلس

وللخصم الالد اذا تعدى
ليأخذ حق مظلوم بقنس

فلم ار مثله رزءا لجن
ولم أر مثله رزءا لإنس

اشد على صروف الدهر ايدا
وأفصل في الخطوب بغير لبس

وضيف طارق أو مستجير
يروع قلبه من كل جرس

فاكرمه وامنه فامسى
خليا باله من كل بؤس

يذكرني طلوع الشمس صخرا
وأذكره لكل غروب شمس

ولولا كثرة الباكين حولي
على اخوانهم لقتلت نفسي

ولكن لا ازال ارى عجولا
وباكية تنوح ليوم نحس

أراها والها تبكي أخاها
عشية رزئه او غب امس

وما يبكون مثل أخي ولكن
اعزي النفس عنه بالتأسي

فلا والله لا انساك حتى
افارق مهجتي ويشق رمسي

فقد ودعت يوم فراق صخر
أبي حسان لذاتي وأنسي

فيا لهفي عليه ولهف امي
ايصبح في الضريح وفيه يمسي

قصيدة: يا عين ما لك لا تبكين تسكابا؟

يا عين ما لك لا تبكين تسكابا؟
اذ راب دهر وكان الدهر ريابا

فابكي أخاك لأيتام وأرملة
وابكي اخاك اذا جاورت اجنابا

وابكي اخاك لخيل كالقطا عصبا
فقدن لما ثوى سيبا وانهابا

يعدو به سابح نهد مراكله
مجلبب بسواد الليل جلبابا

حتى يصبح أقواما يحاربهم
أو يسلبوا دون صف القوم أسلابا

هو الفتى الكامل الحامي حقيقته
مأوى الضريك اذا ما جاء منتابا

يهدي الرعيل إذا ضاق السبيل بهم
نهد التليل لصعب الأمر ركابا

المجد حلته والجود علته
والصدق حوزته ان قرنه هابا

خطاب محفلة فراج مظلمة
ان هاب معضلة سنى لها بابا

حمال ألوية قطاع أودية
شهاد أنجية للوتر طلابا

سم العداة وفكاك العناة اذا
لاقى الوغى لم يكن للموت هيابا

قصيدة: يا عين جودي بدمع منك مسكوب

يا عين جودي بدمع منك مسكوب
كلؤلؤ جال في الأسماط مثقوب

اني تذكرته والليل معتكر
ففي فؤادي صدع غير مشعوب

نعم الفتى كان للأضياف إذ نزلوا
وسائل حل بعد النوم محروب

كم من مناد دعا والليل مكتنع
نفست عنه حبال الموت مكروب

ومن اسير بلا شكر جزاك به
بساعديه كلوم غير تجليب

فككته، ومقال قلته حسن
بعد المقالة لم يؤبن بتكذيب

قصيدة: ما بال عينيك منها دمعها سرب

ما بال عينيك منها دمعها سرب
أراعها حزن أم عادها طرب

أم ذكر صخر بعيد النوم هيجها
فالدمع منها عليه الدهر ينسكب

يا لهف نفسي على صخر إذا ركبت
خيل لخيل تنادي ثم تضطرب

قد كان حصنا شديد الركن ممتنعا
ليثا إذا نزل الفتيان أو ركبوا

أغر، أزهر، مثل البدر صورته
صاف، عتيق، فما في وجهه ندب

يا فارس الخيل إذ شدت رحائلها
ومطعم الجوع الهلكى إذا سغبوا

كم من ضرائك هلاك وارملة
حلوا لديك فزالت عنهم الكرب

سقيا لقبرك من قبر ولا برحت
جود الرواعد تسقيه وتحتلب

ماذا تضمن من جود ومن كرم
ومن خلائق ما فيهن مقتضب
أحدث أقدم