ألا عم صباحا أيها الطلل البالي – امرؤ القيس

قصيدة: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي، وهل يعمن من كان في العصر الخالي

قصيدة: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي

  • للشاعر: امرؤ القيس

ألا عِــــم صــبـاحـاً أيُّــهــا الــطـلـلُ الـبـالـي
وَهـل يـعِمن مـن كـان فـي العُصُرِ الخالي

وهـــــــل يـــعِــمــن إلّا ســـعــيــدٌ مُــخــلّــدٌ
قــلــيـلُ الــهُــمـومِ مـــــا يــبــيـتُ بِــأوجــالِ

وهـــل يـعِـمـن مـــن كـــان أحـــدثُ عـهـدِهِ
ثــلاثــيـن شـــهــراً فـــــي ثــلاثــةِ أحــــوالِ

ديــــارٌ لِـسـلـمـى عــافـيـاتٌ بِــــذي خــــالٍ
ألــــــحّ عــلـيـهـا كُـــــلُّ أســـحــم هـــطّــالِ

وتـحـسِـبُ سـلـمـى لا تـــزالُ تـــرى طـــلّا
مِـــن الــوَحـشِ أو بـيـضـاءً بِـمـيثاءِ مِـحـلالِ

وتــحــسِـبُ ســلــمـى لا نــــزالُ كـعـهـدِنـا
بِـــوادي الـخُـزامـى أو عــلـى رسِ أوعـــالِ

لــيــالــيَ ســلــمــى إذ تُـــريـــك مُــنــصّـبـاً
وَجــيــداً كــجـيـدِ الــرِئــمِ لــيـس بِـمِـعـطالِ

ألا زعـــمـــت بــســبـابـةُ الـــيَـــوم أنّـــنــي
كـــبِــرتُ وأن لا يُــحــسِـنُ اللهوَ أمــثــالـي

كـذبـتِ لـقـد أصـبـى عـلـى الـمرءِ عِـرسُهُ
وَأمــنــعُ عِــرسـي أن يُـــزنّ بِــهـا الـخـالـي

ويــــــا رُبّ يــــــومٍ قــــــد لـــهـــوتُ ولــيــلـةٍ
بِـــآنِـــســـةٍ كـــأنّـــهـــا خـــــــــطُّ تِـــمـــثــالِ

يُـــضــيءُ الـــفِــراشُ وجــهــهـا لِـضـجـيـعِها
كــمِـصـبـاحِ زيـــــتٍ فــــي قــنـاديـلِ ذبّــــالِ

كـــــأنّ عـــلــى لــبّـاتِـهـا جـــمــر مُــصـطـلٍ
أصــــاب غــضــىً جــــزلاً وكــــفّ بِــأجــذالِ

وهـــبّــت لـــــهُ ريـــــحٌ بِـمُـخـتـلـفِ الـــصــوا
صـــبــاً وشِـــمــالاً فـــــي مـــنــازِلِ قــفّــالِ

ومِـــثــلُــكِ بـــيــضــاء الـــعـــوارِضِ طِــفــلــةٍ
لــعــوبٍ تُـنـسّـيـني إذا قُــمــتُ سِــربـالـي

إذا مـــــا الـضـجـيـعُ اِبــتـزّهـا مِــــن ثـيـابِـهـا
تــمــيـلُ عــلــيـهِ هـــونــةً غـــيــر مِــجــبـالِ

كـحـقـفِ الـنـقـا يـمـشـي الـوَلـيدانِ فـوقـهُ
بِــمـا اِحـتـسبا مِــن لـيـنِ مــسٍّ وتـسـهالِ

لـطـيـفـةُ طــــيِّ الــكـشـحِ غــيــرُ مُـفـاضـةٍ
إذا اِنــفــلـتـت مُــرتــجّــةً غـــيـــر مِــثــفــالِ

تــنــوَّرتُــهــا مِـــــــن أذرُعـــــــاتٍ وأهـــلُــهــا
بــيَــثــرِب أدنــــــى دارهـــــا نـــظــرٌ عـــــالِ

نــــظــــرتُ إلـــيـــهــا والـــنُــجــومُ كـــأنّــهــا
مــصــابــيـحُ رُهــــبـــانٍ تـــشُـــبُّ لِــقــفّــالِ

ســمــوتُ إلــيـهـا بــعــد مــــا نـــام أهـلُـهـا
سُــمـوَّ حــبـابِ الــمـاءِ حـــالاً عـلـى حــالِ

فــقــالــت ســـبــاك اللهُ إنّـــــك فــاضِــحـي
ألــسـت تــرى الـسُـمّار والـنـاس أحـوالـي

فـــقُــلــتُ يـــمــيــن اللهِ أبـــــــرحُ قــــاعِـــداً
وَلــــو قــطـعـوا رأســـي لــديـكِ وأوصــالـي

حـــلــفــتُ لــــهـــا بِاللهِ حِـــلــفــة فــــاجِـــرٍ
لــنـامـوا فــمـا إن مِـــن حــديـثٍ ولا صـــالِ

فــلــمّـا تــنـازعـنـا الــحــديـث وأســمــحـت
هـــصــرتُ بِــغُـصـنٍ ذي شــمـاريـخ مــيّــالِ

وصِـــرنــا إلــــى الـحُـسـنـى ورقّ كــلامُـنـا
وَرُضــــــــتُ فــــذلّــــت صـــعـــبــةٌ أيَّ إذلالِ

فــأصـبـحـتُ مــعـشـوقـاً وأصـــبــح بــعـلُـهـا
عــلـيـهِ الــقـتـامُ ســيِّــئ الــظــنِّ والــبــالِ

يـــغُـــطُّ غــطــيـط الــبــكـرِ شُـــــدّ خِــنــاقُـهُ
لــيَـقـتُـلـنـي والــــمـــرءُ لــــيـــس بِــقــتّــالِ

أيَــقــتُـلُـنـي والــمــشــرفـيُّ مُــضــاجِـعـي
وَمـــســنــونــةٌ زُرقٌ كـــأنـــيــابِ أغــــــــوالِ

ولـــيــس بِـــــذي رُمـــــحٍ فـيَـطـعـنُني بِــــهِ
وَلـــيــس بِــــذي ســيــفٍ ولــيــس بِــنـبّـالِ

أيَــقــتُـلـنـي وقــــــد شــغــفــتُ فُـــؤادهـــا
كــمـا شــغـف الـمـهنوءة الـرجُـلُ الـطـالي

وَقـــد عـلِـمـت سـلـمـى وإن كـــان بـعـلُها
بِـــــأنّ الــفـتـى يــهــذي ولــيــس بِــفـعّـالِ

ومـــــــاذا عـــلــيــهِ إن ذكــــــرتُ أوانِـــســـاً
كــغِــزلانِ رمــــلٍ فــــي مــحـاريـبِ أقــيــالِ

وبـــيــتِ عـــــذارى يـــــوم دجــــنٍ ولــجـتُـهُ
يَــطُــفــن بِــجــبّــاءِ الــمــرافِــقِ مِــكــسـالِ

سِــــبـــاطُ الــبــنــانِ والــعــرانـيـنِ والــقــنــا
لِــطــاف الــخُـصـورِ فــــي تــمــامٍ وإكــمـالِ

نــواعِــمُ يُـتـبِـعـن الــهـوى سُــبُـل الـــردى
يَــقُــلـن لِأهــــلِ الــحِـلـمِ ضُــــلّ بِــتِـضـلالِ

صـرفتُ الـهوى عـنهُنّ مِـن خـشيَةِ الردى
وَلـــســـتُ بِــمُـقـلـيِّ الـــخِــلالِ ولا قـــــالِ

كـــأنِّـــيَ لــــــم أركــــــب جــــــواداً لِـــلــذّةٍ
وَلــــــم أتــبــطّــن كــاعِــبــاً ذات خِــلــخــالِ

ولــــم أســبــإ الــــزِقّ الـــرويَّ ولـــم أقُـــل
لِــخــيـلـيَ كُـــــرّي كـــــرّةً بـــعــد إجـــفــالِ

وَلـــم أشــهـدِ الـخـيـل الـمُـغيرة بِـالـضُحى
عــلــى هــيـكـلٍ عــبــلِ الــجُــزارةِ جــــوّالِ

سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا
لــــهُ حــجـبـاتٌ مُــشـرِفـاتٌ عــلـى الــفـالِ

وصُـــمٌّ صِـــلابٌ مـــا يـقـيـن مِـــن الــوَجـى
كــــأنّ مــكــان الــــرِدفِ مِــنــهُ عــلــى رألِ

وقـــــد أغــتــدي والــطـيـرُ فــــي وُكُـنـاتِـهـا
لِــغــيـثٍ مِــــن الــوَسـمـيِّ رائِــــدُهُ خــــالِ

تـــحــامــاهُ أطـــــــرافُ الـــرِمـــاحِ تــحــامـيـاً
وَجـــــاد عــلــيـهِ كُـــــلُّ أســـحــم هــطّــالِ

بِــعـجـلـزةٍ قـــــد أتـــــرز الـــجــريُ لـحـمـهـا
كـــمـــيــتٍ كـــأنّـــهــا هِــــــــراوَةُ مِــــنـــوالِ

ذعــــــرتُ بِـــهـــا سِـــربــاً نــقــيّـاً جُـــلــودُهُ
وَأكــرُعُــهُ وشــــيُ الــبُــرودِ مِــــن الــخــالِ

كــــــــأنّ الــــصــــوار إذ تـــجــهّــد عـــــــدوُهُ
عــلــى جــمــزى خــيــلٍ تــجــولُ بِــأجـلالِ

فــــجـــال الــــصـــوارُ واِتّــقــيــن بِــقــرهــبٍ
طــويــلِ الــفِــرا والــــروقِ أخــنــس ذيّــــالِ

فـــعـــادى عِــــــداءً بـــيــن ثـــــورٍ ونــعــجـةٍ
وَكـــان عِـــداءُ الـوَحـشِ مِـنّـي عـلـى بــالِ

كــــأنّـــي بِــفــتـخـاءِ الــجـنـاحـيـنِ لـــقـــوَةٍ
صــيـودٍ مِــن الـعِـقبانِ طـأطـأتُ شِـمـلالي

تــخــطّــفُ خـــــزّان الــشُــريَّـةِ بِــالـضُـحـى
وَقــــــد حـــجـــرت مِــنــهــا ثــعــالِــبُ أورالِ

كـــــأنّ قُـــلــوب الــطــيـرِ رطـــبــاً ويــابِـسـاً
لـــدى وكـرِهـا الـعُـنّابُ والـحـشفُ الـبـالي

فــلــو أنّ مــــا أســعـى لِأدنـــى مـعـيـشةٍ
كـفـانـي ولـــم أطــلُـب قـلـيلٌ مِــن الـمـالِ

ولــكِــنّــمـا أســــعـــى لِـــمــجــدٍ مُــــؤثّـــلٍ
وَقــــد يُــــدرِكُ الــمـجـد الــمُـؤثّـل أمـثـالـي

وطــا الـمـرءُ مــا دامــت حُـشـاشةُ نـفسِهِ
بِـــمُــدرِكِ أطـــــرافِ الــخُــطـوبِ ولا آلـــــي


أحدث أقدم