ألا تسألان المرء ماذا يحاول – لبيد بن ربيعة

ألا تسألان المرء ماذا يحاول أنحب فيقضى أم ضلال وباطل، إذا المرء أسرى ليلة ظن أنه قضى عملا والمرء ما عاش عامل

قصيدة: ألا تسألان المرء ماذا يحاول

  • للشاعر: لبيد بن ربيعة

ألا  تــسـألانِ الــمـرء مـــاذا يُــحـاوِلُ
أنــحـبٌ فـيُـقضى أم ضــلالٌ وبـاطِـلُ

حــبــائِــلُـهُ  مــبــثــوثـة بــسـبـيـلـهِ
ويَـفـنـى إذا مـــا أخـطـأتـهُ الـحـبائِلُ

إذا  الــمـرءُ أســرى لـيـلة ظــنّ أنــهُ
قـضى عـملاً والـمرء مـا عاش عامِلُ

فــقـولا لـــهُ إن كــان يـقـسِمُ أمــرهُ
ألــمّـا  يـعِـظـك الــدّهـرُ أُمُّــك هـابـلُ

فـتـعلم أن لا أنــت مُـدرِكُ مـا مـضى
وَلا أنــت مـمّـا تـحـذرُ الـنّـفسُ وائِـلُ

فإن أنت لم تصدُقك نفسُك فانتسب
لــعـلّـك  تــهـديـك الــقُـرونُ الأوائِـــلُ

فـإن لـم تـجِد مِـن دونِ عـدنان بـاقياً
ودون مـــعــدٍّ فــلـتـزعـك الـــعــواذِلُ

أرى الـناس لا يـدرون مـا قدرُ أمرِهم
بـلـى كـلُّ ذي لُـبٍّ إلـى الـلّهِ واسِـلُ

ألا كُــلُّ شــيءٍ مــا خـلا الـلّهُ بـاطِلُ
وكـــــلُّ  نــعــيـمٍ لا مــحـالـة زائِــــلُ

وكــلُّ  أُنــاسٍ ســوْف تـدخُـلُ بـينهُم
دوَيْــهـيـة تــصـفـرُّ مِــنـهـا الأنــامِــلُ

وكــلُّ امــرىء يـوْمـاً سـيعلمُ سـعيهُ
إذا كُـشِّـفت عـنـد الإلــهِ الـمـحاصِلُ

لـيَـبكِ عـلـى الـنّعمانِ شـربٌ وقـيْنة
ومـخـتـبـطاتٌ كـالـسّـعـالي أرامِــــلُ

لـهُ الملكُ في ضاحي معدٍّ وأسلمت
إلــيــهِ الــعِـبـادُ كُـلُّـهـا مـــا يُــحـاوِلُ

إذا  مــسّ أســآر الـطُّـيورِ صـفـت لـهُ
مـشـعـشـعة  مِــمّــا تُــعـتِّـقُ بــابِـل

عـتـيـقُ  سُـلافـاتٍ سـبـتها سـفـينة
تــكُــرُّ  عـلـيْـهـا بــالـمـزاجِ الـنّـيـاطِلُ

بـأشـهب مِــن أبـكـارِ مُــزنِ سـحابة
وَأريِ دبـــورٍ شــارهُ الـنّـحل عـاسِـلُ

تــكُــرُّعـلـيْـهِ  لا يُــــصـــرِّدُ شُـــربـــهُ
إذا مـا انـتشى لـم تـحتضِرهُ العواذِلُ

عـلى مـا تُـريهِ الـخمرُ إذ جاش بحرُهُ
وَأوْشـــم جـــودٌ مِـــن نـــداهُ ووابِــلُ

فـيَـوْماً عُـنـاة فــي الـحـديدِ يـفُـكُّهُم
ويــومــاً جــيــادٌ مُـلـجـمـاتٌ قــوافِـلُ

عـلـيْـهِـنّ وِلــــدانُ الــرِّهــانِ كـأنّـهـا
ســعـالٍ وعِـقـبـانٌ عـلـيـها الـرّحـائِلُ

إذا وضــعـوا ألـبـادهـا عـــن مُـتـونِـها
وَقـــد  نـضـحت أعـطـافُها والـكـواهِلُ

يُــلاقـون مِـنـهـا فـــرط حـــدٍّ وجُــرأة
إذا  لـــم تُــقـوِّم درأهُــنّ الـمـساحِلُ

ويَـوْمـاً مِــن الـدُّهـمِ الـرِّغـابِ كـأنّـها
أشــــاءٌ  دنــــا قِــنـوانُـهُ أوْ مــجــادِلُ

لـهـا حـجـلٌ قـد قـرّعت مِـن رؤوسِـهِ
لــهـا  فــوْقـهُ مِــمّـا تـحـلّـبُ واشِــلُ

بـــذي  حُـسـمٍ قــد عُـرِّيَـت ويَـزيـنُها
دِمـــاثُ فُـلـيـجٍ رهــوُهـا فـالـمـحافِلُ

وأســـرع فـيـهـا قــبـل ذلِــك حِـقـبة
رُكــــاحٌ فـجـنـبا نُــقـدة فـالـمـغاسِلُ

فــإنّ  أمــرأً يـرجـو الـفـلاح وقــد رأى
ســوامــاً  وحــيّــاً بـالأفـاقـة جــاهِـلُ

غـــداة غـــدوْا مِـنـهـا وآزر سـربـهُـم
مــواكِـبُ تُــحـدى بـالـغـبيطِ وجـامِـلُ

ويَـــوْم  أجــازت قُـلّـة الـحـزنِ مـنـهُمُ
مــواكِـبُ  تـعـلـو ذا حُـسـى وقـنـابِلُ

عـلـى الـصّرصرانياتِ فـي كـلّ رِحـلة
وســوُقٌ عِــدالٌ لـيـس فـيـهنّ مـائِلُ

تُــسـاقُ وأطــفـالُ الـمُـصـيفِ كـأنّـها
حــــوانٍ عــلـى أطـلائِـهِـنّ مـطـافِـلُ

حـقـائِـبُـهُـم  راحٌ عــتــيـقٌ ودرمــــكٌ
وريْــــــطٌ  وفــاثــوريّــة وســـلاسِـــلُ

ومـــا نـسـجـت أســـراد داود وابـنـهِ
مـضـاعـفة مِـــن نـسـجِـهِ إذ يُـقـابِلُ

وكــانــت  تُــراثــاً مـنـهُـمـا لِـمُـحـرِّقٍ
طـحـونٌ  كــأنّ الـبـيْض فـيها الأعـابِلُ

إذا مـــا اجـتـلاهـا مـــأزِقٌ وتـزايَـلـت
وَأحــكـم  أضــغـان الـقـتـيرِ الـغـلائِـلُ

أوت لـلـشّـيـاحِ واهــتـدى لـصـلـيلِها
كـتـائِـبُ خُـضـرٌ لـيـس فـيـهنّ نـاكِـلُ

كــأركـانِ سـلـمـى إذ بــدت وكـأنّـها
ذُرى أجــــإٍ إذ لاح فــيـهـا مــواسِــلُ

وبــيــضٍ  تـربّـتـهـا الــهـوادِجُ جِـقـبـة
ســرائِـرُهـا والـمُـسـمِعاتُ الــرّوافِـلُ

تـــــروحُ  إذا راح الـــشّــروبُ كــأنّـهـا
ظِـبـاءٌ شـقـيقٍ لـيـس فـيهنّ عـاطِلُ

يُـجـاوِبن بُـحّاً قـد أُعـيدت وأسـمحت
إذا احـتـثّ بـالـشِّرعِ الـدِّقاقِ الأنـاملُ

يــقـوِّمُ أولاهُـــم إذا اعــوَجّ سِـربُـهم
مـواكِـبُ وابــنُ الـمُـنذرين الـحُـلاحِلُ

تــظــلُّ  روايــاهـمُ تـبـرضـن مـنـعِـجاً
ولــــوْ وردتـــهُ وهـــوَ ريّـــانُ ســائـلُ

فــلا قـصـبُ الـبـطحاءِ نـهـنه وِردهُـم
بِـــريٍّ ولا الــعـاديُّ مِــنـهُ الـعُـدامِـلُ

ومــا كــاد غُـلاّنُ الـشُّريْفِ يـسعنهُم
بــحـلّـة  ِ يـــوْمٍ والــشُّـروجُ الـقـوابِـلُ

ومُـصعدُهم كـيْ يـقطعوا بطن منعِج
فـضـاقت بـهِـم ذرعــاً خــزازٌ وعـاقِـلُ

فبادوا فما أمسى على الأرضِ مِنهُمُ
لــعــمــرُك  إلاّ أن يــخــبّــر ســـائِــلُ

كـأن لـم يـكُن بـالشِّرعِ مـنهُم طلائِعٌ
فـلم تـرع سـحّاً فـي الـرّبيعِ الـقنابِلُ

وبــالــرّسِّ  أوْصــــالٌ كـــأنّ زُهــاءهـا
ذوي الـضـمرِ لـمّـا زال عـنها الـقبائِلُ

وغــسّـانُ  ذلّـــت يـــوْم جِـلّـق ذلّــة
بــسـيِّـدِهـا  والأريَـــحــيُّ الــمُـنـازِلُ

رعـى خـرزاتِ الـمُلكِ عـشرين حِجّة
وعـشرين حتى فاد والشّيبُ شامِلُ

وأمـسـى كـأحـلامِ الـنِّـيامِ نـعـيمُهُم
وأيُّ  نـــعــيــمٍ خِــلــتــهُ لا يُـــزايِـــلُ

تـــــرُدُّ  عـلـيْـهِـم لــيْـلـة أهـلـكـتـهُمُ
وعـــامٌ  وعـــامٌ يـتـبـعُ الــعـام قـابِـلُ

ألا تسألان المرء ماذا يحاول - لبيد بن ربيعة - بصوت فالح القضاع


اقرأ أيضًا:
أحدث أقدم