عنوان الحكم | زيادة المرء في دنياه نقصان – أبو الفتح البستي

زيادة المرء في دنياه نقصان، وربحه غير محض الخير خسران

قصيدة: عنوان الحكم

  • للشاعر: أبو الفتح البستي

زيــــادةُ الــمــرء فـــي دُنــيـاهُ نـقـصـانُ
وربـحـهُ غـيـر مـحـض الـخـير خـسـرانُ

وكُــــل وِجــــدانِ حــــظٍّ لا ثــبــات لــــهُ
فـــإنّ مـعـنـاهُ فــي الـتّـحقيق فـقـدانُ

يـــا عــامِـراً لــخـرابِ الــدّهـرِ مُـجـتهِداً
باللهِ هــــل لــخــرابِ الــعـمـر عُــمـرانُ

ويــا حـريـصاً عـلـى الأمــوالِ تـجـمعُها
أُنــسـيـت أنّ سُــــرور الــمـالِ أحـــزانُ

زعِ الـــفــؤاد عـــــنِ الــدُّنــيـا وزيـنـتـهـا
فـصـفـوُهـا كــــدرٌ والــوصــل هِــجــرانُ

وأرعِ ســـمــعــك أمــــثـــالاً أُفــصِّــلــهـا
كـــمـــا يُــفــصّــل يـــاقــوتٌ ومـــرجــانُ

أحـسِن إلـى الـنّاسِ تستعبِد قُلوبهُمُ
فـطـالما اسـتـعبد الإنـسـان إحـسـانُ

يـا خادم الجسم كم تشقى بِخدمته
أتـطـلـب الــربـح فـيـمـا فـيـه خـسـران

أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فـأنـت بـالـنفس لا بـالـجسم إنـسـان

وإن أســاء مُـسـيءٌ فـلـيَكن لـك فـي
عُــــــروضِ زلّـــتِـــهِ صـــفــحٌ وغـــفــرانُ

وكُــن عـلـى الـدّهر مِـعواناً لـذي أمـلٍ
يــرجــو نــــداك فــــإنّ الــحــرّ مِــعــوانُ

واشـــدُد يــديـك بـحـبـلِ الله مُـعـتصِماً
فـــإنّــهُ الـــركــنُ إن خــانــتـك أركــــانُ

مـــن يــتّـقِ الله يُـحـمـدُ فــي عـواقِـبِه
ويـكـفِهِ شــرّ مــن عــزُّوا ومــن هـانـوا

مـــنِ اسـتـعـان بـغـيرِ اللهِ فــي طـلـبٍ
فـــــــإنّ نـــاصِـــرهُ عـــجـــز وخِــــــذلانُ

مـــن كــان لـلـخير مـنّـاعا فـلـيس لــه
عــلــى الـحـقـيـقة إخــــوان وأخــــدانُ

مــن جـاد بـالمالِ مـال الـنّاسُ قـاطِبة
إلـــيـــهِ والـــمـــال لــلإنــسـان فـــتّــانُ

من سالم النّاس يسلم من غوائِلِهم
وعـــاش وهـــو قــريـر الـعـيـنِ جــذلانُ

مــن كـان لـلعقلِ سُـلطانٌ عـليهِ غـدا
ومــا عـلـى نـفـسِهِ لـلحِرصِ سُـلطانُ

مـن مـدّ طـرفاً لفرطِ الجهلِ نحو هوى
أغـضى عـلى الـحقِّ يـوماً وهو خزيانُ

مـن عـاشر الـنّاس لاقـى مِـنهُمُ نصبا
لأنّ ســـوســهُــمُ بـــغـــيٌ وعُــــــدوانُ

ومـــن يُـفـتِّـش عــنِ الإخــوانِ يـقـلِهِمُ
فــجــلّ إخـــوانِ هـــذا الـعـصـرِ خـــوّانُ

مــنِ اسـتشار صـروف الـدّهرِ قـام لـهُ
عــلـى حـقـيـقةِ طـبـعِ الـدهـر بُـرهـانُ

مــن يـزرعِ الـشّرّ يـحصد فـي عـواقبِهِ
نــــدامـــةً ولِــحــصــدِ الــــــزّرعِ إبــــــانُ

مـنِ اسـتنام إلـى الأشـرار نـام وفـي
قــمــيـصِـهِ مِــنــهُــمُ صِـــــلٌّ وثُــعــبـانُ

كُـــن ريَّـــق الـبِـشـرِ إن الــحـرّ هِـمّـتُهُ
صـحـيـفـةٌ وعـلـيـهـا الــبِـشـر عُــنــوانُ

ورافِــقِ الـرِّفـق فــي كُــلِّ الأمـورِ فـلم
يــنـدّم رفــيـقٌ ولـــم يـذمُـمـهُ إنـسـانُ

ولا يــغــرّنــك حــــــظٌّ جــــــرّه خــــــرقٌ
فـالـخـرقُ هــدمٌ ورِفــقُ الـمـرءِ بُـنـيانُ

أحـسِن إذا كـان إمـكانٌ ومـقدِرةٌ فـلن
يـــــدوم عـــلــى الإحـــســانِ إمــكــانُ

فــالــرّوضُ يــــزدانُ بــالأنــوارِ فــاغِـمـةً
والــحــر بــالـعـدل والإحــسـانِ يـــزدانُ

صـــن حـــرّ وجـهِـك لا تـهـتِك غِـلامـتهُ
فـــكُــل حـــــرٍّ لِـــحــرِّ الــوجــهِ صــــوّانُ

فـــــإن لــقــيـت عــــدوّاً فــالـقـهُ أبــــداً
والــوجـهُ بـالـبِـشرِ والإشــراقِ غـضـانُ

دعِ الـتـكاسُل فــي الـخـيراتِ تـطـلبُها
فـلـيـس يـسـعـدُ بـالـخـيراتِ كـسـلانُ

لا ظِـلّ لـلمرءِ يـعرى مـن تُـقىً ونُهى
وإن أظــــلّــــتــــهُ أوراقٌ وأغــــــصـــــانُ

والــنّـاسُ أعـــوانُ مـــن والــتـهُ دولـتُـهُ
وهُـــــم عــلــيـهِ إذا عـــادتــهُ أعـــــوانُ

سـحـبانُ مــن غـيـرِ مــالٍ بـاقِلٌ حـصرٌ
وبــاقِـلٌ فـــي ثـــراءِ الــمـالِ سـحـبـانُ

لا تــــودِعِ الــسِــرّ وشّــــاءً يــبـوح بـــهِ
فـمـا رعـى غـنماً فـي الـبدّوِّ سِـرحانُ

لا تـحسبِ الـنّاس طـبعاً واحِـداً فلهُم
غـــرائــز لـــســت تُـحـصـيـهـن ألــــوانُ

مـــــا كُـــــلّ مـــــاءٍ كـــصــدّاءٍ لـــــوارِدِه
نــعـم ولا كُـــلّ نــبـتٍ فــهـو ســعـدانُ

لا تــخـدِشـنّ بِــمـطـلٍ وجــــه عــارِفـةٍ
فــالــبِــر يــخــدِشــهُ مـــطــلٌ ولـــيــانُ

لا تـسـتـشِر غـيـر نــدبٍ حـتـازِمٍ يـقِـظٍ
قـــدِ اســتـوى فــيـه إســـرارٌ وإعـــلانُ

فــلــلِـتـدابـيـرِ فــــرســـانٌ إذا ركِــــبـــوا
فـيـهـا أبـــروا كــمـا لـلِـحـربِ فــرسـانُ

ولـــــلأمـــــور مـــواقـــيـــتٌ مُـــــقــــدّرةٌ
وكُــــــلّ أمــــــرٍ لـــــهُ حـــــدُّ ومـــيــزانُ

فــــلا تــكُــن عــجِــلاً بــالأمــرِ تـطـلـبُـهُ
فـلـيـس يُـحـمـدُ قـبـل الـنُّـضجِ بُـحـرانُ

كـفى مِن العيشِ ما قد سدّ من عوزٍ
فــفــيـهِ لــلــحـرِّ إن حــقـقـت غــنـيـانُ

وذو الـقـنـاعـةِ راضٍ مــــن مـعـيـشـتِهِ
وصـاحـبُ الـحِـرصِ إن أثــرى فـغضبانُ

حـسـبُ الـفـتى عـقـلهُ خِـلاًّ يُـعاشِرهُ
إذا تـــحـــامـــاهُ إخــــــــوانٌ وخــــــــلاّنُ

هُــمـا رضـيـعـا لِــبـانٍ حِـكـمـةٌ وتُــقـىً
وســاكِــنــا وطـــــنٍ مـــــالٌ وطُــغــيـانُ

إذا نــــبـــا بـــكــريــمٍ مـــوطِـــنٌ فـــلـــهُ
وراءهُ فـــــي بــسـيـط الأرض أوطــــانُ

يــــا ظــالـمـا فــرحــا بــالـعـزِّ ســاعـده
إن كـنـت فــي صـلـة فـالـظهر يـقظانُ

مــا اسـتـمرأ الـظُّـلم لــو أنـصـت اكِـلهُ
وهــــل يــلـذُّ مـــذاق الــمـرء خـطـبـانُ

يـــا أيُّــهـا الـعـالِـمُ الـمـرضـيُّ سـيـرتُهُ
أبــشِــر فــأنــت بــغـيـرِ الــمــاءِ ريــــانُ

ويـا أخـا الـجهلِ لـو أصـبحت في لججٍ
فــأنــت مــــا بـيـنـهـا لاشـــكّ ضــمـانُ

لا تــحـسـبـنّ سُـــــروراً دائــمــاً أبــــداً
مــــن ســــرّهُ زمــــنٌ ســاءتـهُ أزمـــانُ

إذا جـــفــاك خــلــيـلٌ كـــنــت تــألــفـه
فـاطـلب ســواه فـكـل الـنـاس إخــوانُ

وإن نــبـت فــيـك أوطــان نـشـأت بـهـا
فـــارحــل فـــكــل بـــــلاد الله أوطــــانُ

يـا رافِـلاً فـي الشّبابِ الرحب مُنتشياً
مِـن كـأسِهِ هل أصاب الرشد نشوانُ

لا تــغــتــرِر بــشــبــابٍ رائـــــقٍ نـــظِــر
فــكـم تــقـدّم قــبـل الـشّـيْـبِ شـبـانُ

ويــا أخـا الـشّيبِ لـو نـاصحت نـفسك
لــم يـكُـن لـمـثِلك فــي الـلّذاتِ إنـعامُ

هــبِ الـشّـبيبة تُـبـذي عُــذر صـاحبها
مــا عُــذر أشـيـب يـستهويهِ شـيْطانُ

كُـــــلّ الـــذُّنــوبِ فـــــإنّ الله يــغـفِـرهـا
إن شــيَّــع الــمــرء إخــــلاصٌ وإيــمـانُ

وكُــــلّ كــســرٍ فــــإنّ الــديــن يـجـبُـرهُ
ومــــا لِــكـسـرِ قــنـاةِ الــدِّيـنِ جــبـرانُ

خـــذهـــا ســـوائــر أمـــثــالٍ مــهــذّبـةً
فـيـهـا لــمـن يـبـتـغي الـتِّـبـيان تِـبـيانُ

مـــا ضـــرّ حـسّـانـها والـطـبع صـائِـغها
إن يـقُـلـهـا قــريــعُ الــشِّـعـرِ حــســانُ
أحدث أقدم